تتعدد طرق اختيار الموظفين وتختلف بناءً على إستراتيجية التوظيف التي تتبعها كل شركة وسياستها وقِيمها. وإذا فكرت معي هنا، سترى أن التوظيف الفعال يُعد أحد أهم العناصر التي تُمَكِن المؤسسات من تحقيق أهدافها ورؤيتها؛ إذ يساعدك الموظفون المحترفون على إيجاد الحلول الإبداعية وتوفير بيئة عمل صِحية ينمو فيها منتجك.
والسؤال هنا: كيف يمكنك إذًا اختيار الموظفين وتعيينهم بطرق مثالية؟ وما هي الحلول التي باستطاعتك اتباعها لمعالجة التحيز في اختيار الموظفين؟
إجابات هذه الأسئلة ستجدها معي في الأسطر القادمة. لذا، أدعوك لمتابعة القراءة بعناية.. جاهز؟
لكن أولًا..
يمكننا تعريف طرق اختيار الموظفين على أنها مجموعة من العمليات المُتبعة التي تهدف من خلالها الشركات إلى التأكد من مهارات المرشحين ومدى توافقهم مع أدوارهم الوظيفية المعروضة عليهم. ويتولى هذه العملية عادةً مسؤولو التوظيف في فريق الموارد البشرية.
وفي أثناء عملية التوظيف، يتعين على الفريق المسؤول في شركتك فَهم الدور الوظيفي بعناية وتحديد الاحتياجات الوظيفية التي تهدف إلى تلبيتها، ومن ثم اعتماد المهارات التي ستُقيِّم على أساسها ملفات المرشحين ومؤهلاتهم.
يقول في هذا الصدد الدكتور أحمد ماهر في كتابه إدارة الموارد البشرية: «تحديد احتياجات الوظيفة بدقة يساعد في جذب المرشحين المناسبين وتصفية غير المناسبين».
وبالنظر إلى تلك المعطيات، سترى أن المهارات المطلوبة تختلف من منصبٍ لآخر؛ فإذا كنت تُوظِّف مبرمجًا -على سبيل المثال- فلن تُركز كثيرًا على امتلاكه لمهارات خدمة العملاء، لكنك ستُولي اهتمامًا أكبر بمهاراته التقنية والبرمجية.
ونتيجةً لما سبق، يجدر بنا الاتفاق هنا على مجموعة من العوامل التي تُحدد لك كيفية اختيار الموظفين الجدد في شركتك، ألا وهي:
بعد تحديد احتياجاتك الوظيفية والإعلان عنها، تمر طرق اختيار الموظفين بعدة مراحل أساسية يمكن تقسيمها إلى ما يأتي:
تُفرز في هذه المرحلة طلبات المرشحين عن طريق فحص سيرهم الذاتية ودراستها بناءً على الاحتياجات الوظيفية المُحددة والمهارات المطلوبة. سيُفيدك هنا الاستعانة بأنظمة تتبع الطلبات الذكية، التي تُوفِّر عليك جهدًا كبيرًا يضيع في جمع طلبات المتقدمين وتقييمها بصورةٍ يدوية.
يؤكده الخبير الإداري محمد فتحي على أهمية الاعتماد على منصات التوظيف الذكية عوضًا عن التوظيف التقليدي، إذ قال: «استخدام التكنولوجيا في فرز الطلبات يساعد في توفير الوقت وزيادة الدقة في اختيار المرشحين».
تُقرر شركات كثيرة إجراء اختبارات عملية ونفسية للمرشحين المحتملين؛ حتى تتأكد من توافقهم مع معاييرها وقِيمها. ويمكن اختصار الأسباب التي تدفع الشركات إلى اعتماد هذا الأسلوب عند اختيار الموظفين بما عبر عنه مؤلفو كتاب The Talent Management Handbook: «توفر اختبارات المهارات والتقييمات النفسية رؤى أعمق حول مدى ملاءمة المرشح لدوره الوظيفي».
تُعد المقابلات الشخصية من أهم طرق اختيار الموظفين؛ إذ تساعدك على تقييم مهارات الموظف الحالية وخبراته السابقة. وقد تُجرى عملية المقابلات على أكثر من خطوة، مثل: الاتصال المبدئي بالمرشحين المحتملين هاتفيًا أو عبر الفيديو لتقييم المتقدمين الأساسيين من خلال مسحٍ سريع بسؤالهم عن بعض الأسئلة الرئيسية التي تُحدد مدى توافقهم المبدئي مع الشركة.
وعادةً ما يتبع هذه المرحلة مقابلة شخصية على أرض الواقع -يمكن إجراؤها افتراضيًا عبر تطبيقات الفيديو- مع المرشحين الأكثر تأهلًا للوظيفة. تُركز هذه المقابلات على ثقافة المرشح ومستوى توافقه مع ثقافة الشركة. إنها تهدف إلى تحقيق ما أشار إليه الكاتب Patrick Lencioni في كتابه The Ideal Team Player:
«تمييز اللاعب الحقيقي في الفريق، ذلك النوع من الأشخاص الذي يمكنه بسهولة بناء الثقة والانخراط في صراع صحي وتقديم التزامات حقيقية ومحاسبة الأشخاص،والتركيز على نتائج الفريق. ثم نتوقف عن توظيف الأشخاص الذين لا يستطيعون فعل ذلك ولا يمتلكون هذه المهارات».
تهدف هذه الخطوة إلى التحقق من المراجع التي أشار إليها المرشحين عن تاريخ عملهم أو تقييمات أدائهم وخبراتهم من المشرفين السابقين. وتشمل هذه الخطوة أيضًا التحقق الأمنيّ من المرشحين المحتملين لضمان سلامة الفريق فيما بعد عملية التوظيف.
بعد التحقق من مصداقية المعلومات التي أشار إليها المرشح في سيرته الذاتية والمقابلات الشخصية، تنتقل الشركات هنا إلى مشاركة عرضها الوظيفي النهائي مع المرشح المحتمل بناءً على ميزانيتها وخبرة المرشح ومؤهلاته. يشمل العرض الوظيفي تفاصيل الراتب والمهام المتوقعة، إضافةً إلى المزايا الأخرى التي قد يحصل عليها المرشح بعد توظيفه في الشركة.
وفي بعض الأحيان، قد تمر هذه المرحلة بخطوة إضافية، ألا وهي التفاوض مع المرشح للوصول إلى اتفاقٍ مُرضٍ للطرفين، سواءً أتعلق هذا التفاوض بالراتب أو بمهام الوظيفة أو حتى الامتيازات المرتبطة.
لاحظ أن هذه الخطوة مهمة جدًا لضمان رضا الموظف وزيادة إنتاجيته. وهذا ما تؤكده الإحصاءات التي أوضحت أن أهم العوامل في قبول وظيفة جديدة هي:
لذا، يجب أن تتأكد من تقديمك لعرضٍ مميز يناسب خبرة المرشح ويدفعه للوثوق بقيم شركتك واهتمامها بموظفيها؛ لأن ذلك يُعزز من إنتاجية الموظفين ويُشعرهم بالأمان الوظيفي، ما يُحفزهم على بذل المزيد من المجهود.
يُلخص بيتر دراكر Peter Drucker، أحد أشهر رواد علم الإدارة في كتابه The Daily Drucker فن اختيار الموظفين بقوله: «اتبع خطوات القرار الخمس هذه عند تعيين شخص ما في شركتك: افهم الوظيفة، اختر ثلاثة إلى خمسة مرشحين محتملين، ادرس سجلات أدائهم للعثور على نقاط قوتهم، تحدث عنهم مع زملائهم، وبمجرد تعيينهم، اشرح لهم المهمة الجديدة بكل دقة».
يختصر هذا الاقتباس لدراكر طرق اختيار الموظفين. ولكنّي أود التشديد على أهمية تقليل عدد المرشحين المحتملين النهائيين قد الإمكان؛ حتى لا تُرهق نفسك مع كثرة الخيارات التي قد تُدخلك في حالة شلل التحليل أو ما يُسمى بالإنجليزية Analysis Paralysis، وهي ظاهرة تحدث عندما تشعر بالارتباك أو التردد بسبب وجود العديد من الخيارات الجيّدة، ما قد ينتج عنه عدم القدرة على اتخاذ أي قرار!
ولكي تتجنب هذه الحالة، أنصحك هنا باستقطاب ذوي الكفاءات بطرق فعالة وعملية.. وفيما يلي أهم 4 طرق لاختيار الموظفين يمكنك اعتمادها في شركتك لتتجنب شلل التحليل..
يمكننا تعريف التوظيف الداخلي على أنه عملية نقل موظف حالي إلى دور وظيفي جديد. تتميز هذه الطريقة بقدرتها على إشراك الموظفين الحاليين وتحفيزهم للنمو داخل شركتك. وسبب اللجوء إليها بسيط؛ إذ قد لا تتطلب بعض الأدوار الوظيفية البحث عن مرشحين خارجيين، خاصةً إذا كانت شركتك تضم عددًا لا بأس به من العاملين الذين يفهمون احتياجاتك.
لذلك، عندما تتوفر فرصة عمل داخل المؤسسة، اطلب من فريق الموارد البشرية التحقق مما إذا كان الدور الوظيفي يتطلب فعلًا موظفًا خارجيًا (أي جلب موظف جديد إلى الشركة)، أم يمكن الاستفادة من مهارات فريقك الحالي؟
باستطاعتك البحث عن المرشحين المحتملين في الشبكات الاجتماعية، خصوصًا في وظائف كالكتابة والتصاميم والفيديوهات والتسويق الإلكتروني.
وكخطوة إضافية، أنصحك هنا بالاهتمام بإنشاء علامة تجارية مميزة لشركتك وإظهارها كشركة رائدة في مجالها تُقدر موظفيها وتُطور من مهاراتهم. في هذه الحالة، سيُتابعك العديد من ذوي الكفاءات الذين يتطلعون للعمل في بيئة مميزة مثل شركتك، لتجد -بمجرد نشر إعلان وظيفتك على حساباتك على الشبكات الاجتماعية- جمهورًا كبيرًا من المرشحين المحتملين الذين يفهمون ثقافة الشركة ويتنافسون على وظائفها.
هناك طريقة مثالية لاستقطاب الموظفين الأكفاء وهي استضافة برامج التدريب المهني التي تحتاجها في شركتك. ويمكنك بعد ذلك، انتقاء أفضل المتدريبين وتزويدهم بعرضٍ وظيفي مناسب. تُوفِّر هذه الطريقة معلومات كافية للطرفين.
فمن ناحية، ستكون قادرًا على فهم سلوكيات المتدربين وثقافتهم بصورةٍ عملية. أضف إلى ذلك تأكدك من أهليتهم للدور الوظيفي؛ نظرًا لحصولهم على التدريب الكافي من خبراء شركتك. أما من ناحية الموظفين، فسيستطيعون فهم أبعاد الدور الوظيفي وما إذا كان العمل داخل شركتك يناسبهم فعلًا أم لا.
وإذا قررت تطبيق هذا الأسلوب في شركتك، لكنك تتخوف من عدم وجود وقتٍ كافٍ أو مهارات كافية لإدارة المتدربين، فأنصحك بالاعتماد على نظام سكيلرز المميز؛ لأنه يُوفر معسكرات تدريبية متنوعة للمرشحين المهتمين بتعزيز مهاراتهم، ويحصل المتدربون على معلومات تطبيقية وعملية على يد خبراء مجيدين لعملهم فعلًا.. إضافةً إلى العديد من المزايا التي ستكتشفها بنفسك، والتي أشاد بها المتدربون وأصحاب الشركات على حدٍ سواء.
سجل الآن في المنصة واعرف أكثر عن مميزاتها من هنا!
هناك قاعدة في عالم التوظيف مهمة تنص على أن المرشح إذا لم يكن مؤهلًا لوظيفة معينة في وقتٍ سابقٍ في الماضي، فهذا لا يعني أنه غير مؤهل اليوم؛ لأنه يُمكن أن يطور المرشحون من مهاراتهم ويُقللون من الفجوات المهاراتية التي تتحداهم بمرور الوقت.
لذا، أُوصي بالاحتفاظ بقائمة مُنظمة تضم أسماء المرشحين السابقين، خاصةً أولئك الذين وصلوا إلى مراحل التوظيف الأخيرة من قبل.
وبذلك، ستجد مرشحين جاهزين يمكنك الرجوع إليهم والتواصل معهم مجددًا وسؤالهم عن إنجازاتهم التي حققوها عندما تتوفر لديك وظيفة جديدة، فالمتقدمون السابقون عادةً ما يفهمون احتياجات شركتك وقد تعرضوا لمعايير التقييم فيها مُسبقًا؛ مما يُسهِّل عليك قرار اختيار الموظفين ويُجنبك شلل التحليل.
في نهاية هذا المقال، دعنا نتفق معًا على أن طرق اختيار الموظفين وتعيينهم أحد أهم التحديات التي تقابل مسؤولي التوظيف. ولكن اتباعك للخطوات السابقة، سيُيسر عليك انتقاء المرشحين المثاليين. وتذكر دومًا أن تضع معايير مُحددة للموظفين الذين ترغب في انضمامهم لشركتك. وهنا يجدر الإشارة إلى ما قاله Patrick Lencioni:
«يفتقر لاعبو الفريق العظماء إلى الأنا المفرطة أو المخاوف بشأن المكانة. إنهم سريعون في الإشارة إلى مساهمات الآخرين وبطيئون في جذب الاهتمام لمساهماتهم الخاصة. إنهم يتقاسمون الفضل، ويركزون على الفريق عِوضًا عن التركيز على ذاتهم، ويحددون النجاح بشكل جماعي وليس فرديًا».
لذا، ركز هنا على اختيار الموظفين الذين يتصفون بما قاله Patrick، وبذلك ستحصل على مورد بشري تستطيع النمو به ويساعدك على تحقيق أهداف شركتك المرجوة. أما إذا أردت معرفة المزيد حول إعداد خطة التوظيف، فأنصحك بقراءة المقال التالي: 10 خطوات رئيسية لإعداد خطة التوظيف الفعالة.