يهتم العديد من قادة الفِرق بإعداد خطة تدريب الموظفين؛ نظرًا لاتفاقهم الآن أكثر من أي وقتٍ مضى على أهمية تحسين مهارات فريقهم. وهذا ما دفع 35% من المنظمات إلى زيادة ميزانية تدريبها من 6% إلى 15% عام 2022، وفقًا لاستبيان استهدف الشركات الأمريكية التي يزيد عدد موظفيها عن 100 موظف.
ولا يتوقف الأمر هنا، فما يقرب من 51% من مديري الموارد البشرية يرون أن أفضل طريقة لسد فجوة المهارات في شركاتهم هي بتدريب الموظفين. لذلك السؤال الذي يهمنا الإجابة عنه هنا: كيف تستطيع إنشاء خطة تدريبية احترافية تُطوِّر من مهارات فريقك فعلًا؟
يمكن أن نُعرِّف خطة التدريب على أنها نهج منظم وعملي يتضمن تزويد العاملين بالمهارات اللازمة والمعرفة الكافية؛ ليؤدوا عملهم على أكمل وجه. وتتنوع البرامج التدريبية وفقًا لاحتياجات الموظفين وأهداف الشركة الحالية والمستقبلية والتحديات التي تواجهها؛ إذ إن هناك العديد من الأنواع التدريبية التي يمكنك الاطلاع عليها في هذا المقال الذي شرحت فيه أهم الأنواع التي ينبغي معرفتها.
وفوائد خطة تدريب الموظفين كثيرة؛ فهي تساعدك على كسب ثقة الفريق وجذب الكفاءات وتحفيز العاملين على البقاء في مؤسستك؛ لأن ما يقرب من نصف العاملين يراعون فرص التطوير الوظيفي عند اختيار مكان العمل.
ولا تقتصر فوائد إعداد خطة تدريب الموظفين عند هذا الحد، لأنك ستحقق من خلالها ما يلي:
المطلوب منك في هذه الخطوة أن تتعرف على فجوة المهارات الموجودة في شركتك، والتي عادةً ما تعتمد على:
وبناءً على فهم هذه المعطيات، أنصحك هنا بإنشاء خطة تدريب قصيرة الأمد تتلائم مع احتياجاتك الحالية، ومع ذلك لا تغفل عن وضع خطة تدريب أخرى طويلة الأمد؛ حتى تكون مستعدًا لأي أحداث مفاجئة.
تذكر: تحديد احتياجاتك عامل مهم جدًا ولا يجب أن تتركه للصدفة أو لاختيار الموظفين. فقد توفر بعض الشركات دورات تدريبية متنوعة لموظفيها دون أن تُلزمهم بدورة معينة؛ آملةً بذلك توفير مرونة للعاملين حتى يختاروا ما يشاؤون.
ولكن عيوب هذه الطريقة أكثر من مميزاتها، وهذا ما توضحه جينيفر مورهيد، الرئيسة التنفيذية لشركة Flex HR المتخصصة في تقديم الاستشارات التوظيفية:
«كنا نمتنع عن التدخل في تدريب الموظفين؛ أي نسمح لهم باختيار أي تدريب مهني يريدونه. أدى هذا في بعض الأحيان إلى عدم التوافق بين محتوى الدورة التدريبية وثقافة شركتنا أو أهدافنا المطلوبة. ولمعالجة هذا الأمر، اعتمدنا نهجًا منظمًا من خلال إعداد خطة تدريب للموظفين متوافقة مع رؤيتنا. ونتج عن ذلك تلقي كل موظف التدريب الملائم والمتطابق مع دوره في المؤسسة».
فكر هنا في الأهداف التي ترغب في تحقيقها بعد الانتهاء من خطة تدريب الموظفين. ومن الضروري أن تكون أهدافك واقعية ومخصصة ويمكن قياسها.
على سبيل المثال، إذا كنت مسؤولًا عن فريق التسويق وأردت تدريب فريقك على كتابة نصوص الفيديو، من المفيد أن تضع هدفًا محددًا، مثل: التأكد من قدرة كل فرد في الفريق على كتابة نص فيديو مدته خمس دقائق.
وفيما يلي بعض الأسئلة التي قد تساعدك على تحديد الأهداف:
الخطوة التالية هنا هي اختيار الطريقة التي ستُوصل بها خطة التدريب للموظفين. وعادةً ما تنقسم طرق التدريب إلى قسمين رئيسيين:
وعلى كل حال، أنصحك هنا بالدمج بين الطريقتين؛ حتى تحصل على أفضل نتيجة، لأن التدريب الرسمي قد يُلزم الموظفين فعلًا بإنهاء الدورة ولكنه قد لا يوفر لهم فرصة التطبيق أو تجربة الأمر بأنفسهم.
وفيما يلي بعض الأفكار التي يمكن أن تضيفها إلى خطة تدريب الموظفين:
اجمع الموارد التدريبية المتاحة وحدد ما إذا كنت بحاجةٍ إلى أي موارد أو وسائل إضافية. وتتضمن هذه الخطوة تحديد ما يأتي:
وتساعدك الأسئلة التالية على تخطي هذه الخطوة بنجاح:
يعتمد الجدول الزمني على طريقة التدريب التي ستعتمدها. على سبيل المثال، تتميز طرق التدريب غير الرسمية بمدة زمنية مرنة، ما يعني أن المتدرب قد يُنهي تدريبه بعد أسبوع أو شهر مثلًا؛ وفقًا لسرعة استيعابه وقدرته على تنفيذ المخرجات المطلوبة منه بنهاية التدريب.
تقل هذه المرونة في حالة تدريب الموظفين من خلال الدورات الرقمية أو التدريب الشخصي على أرض الواقع؛ إذ يتحتم على العاملين إنهاء هذه الدورات في وقتٍ محدد والالتزام بالجدول المعتمد. وعلى أي حال، أنصحك هنا بمشاركة الجدول الزمني مع الموظفين من اليوم الأول من التدريب، ومَكِّنهم أيضًا من متابعة تقدمهم بأنفسهم.
لذلك من المفيد أن تشارك مع فريقك ما يأتي:
من المعروف أن كل موظف يتعلم بطريقته الخاصة؛ فهناك موظفون يميلون أكثر للتعلم البصري، وآخرون يستوعبون المواد المكتوبة بسرعةٍ أكبر. لذلك من الضروري معرفة أنسب طريقة تتوافق مع معظم الموظفين. ويُفضل أن تنوع هنا من محتوى الدورة التدريبية؛ بأن تمزج أكثر من وسيلة، مثل استخدام مقاطع الفيديو والاختبارات التفاعلية وكذلك المقالات والكتب.
من المهم أن تسأل نفسك هذه الأسئلة وتجيب عليها:
تقييم النتائج التدريبية أمر لا غنى عنه إذا أردت فَهم فعالية التدريب الذي قدمته للموظفين وكيف تفاعلوا معه. إضافةً إلى ذلك، فهو يفيدك في تحسين الدورات التدريبية القادمة وزيادة كفاءتها. لذلك، من الضروري وضع معايير للتقييم واضحة وواقعية.
وإذا أبليت بلاءً حسنًا، فمن المتوقع أن يؤثر هذا التدريب إيجابيًا على أداء الموظفين وإنتاجيتهم وطريقة تفاعلهم في بيئة العمل. ولكن إلى جانب ذلك، أوصي هنا بالنظر إلى ما يأتي:
من المفيد أن تتعرف خلال تقييم نتائج التدريب على إجابات هذه الأسئلة:
قد ترتكب العديد من الأخطاء في أثناء إعداد الخطة لتُقابل نتائج غير متوقعة، مثل عدم استفادة فريقك من التدريب أو إنفاق ميزانية أكبر مما تسمح به مواردك الحالية. وبناءً على ذلك، من المهم أن تتعرف على السلوكيات الخاطئة التي قد تُعرقل من نجاح خطتك التدريبية، مثل:
إلزام الفريق بالخطة التدريبية دون شرح أسبابها أو أهميتها أحد أهم الأخطاء الشائعة التي يرتكبها العديد من القادة، لأنه إذا لم تكن أسباب الدورة التدريبية واضحة للفريق، فسيصعب عليهم الإيمان بأهميتها أو التحمس لإنهائها. لذلك تأكد من إدراك كل موظف لأهداف خطتك، ومن موازنة احتياجاتهم مع احتياجاتك.
يقول إيلي حبيب مؤسس شركة «أنغامي» المشهورة واصفًا طريقته الفعالة في إدارة فريقه:
«عندما أريد شيئًا من فريقي، لا أقول لهم: «رجاءً إجراء واحد، اثنان، ثلاثة»، ولكن بدلًا من ذلك أقول: «هذه هي المشكلة التي نواجهها، يواجه المستخدم هذه المشكلة وهو عاجز عن فهم هذه الخاصية، فما رأيكم في القيام بواحد، اثنين، ثلاثة؟ وهل هذه الأشياء منطقية؟ دعونا نجربها».
توضح هذه الطريقة أسلوبًا مختلفًا للقيادة، لأنها تُحفزّ الموظفين على تجربة الأشياء أو الاقتراحات المقدمة من قائد الفريق بناءً على معطيات محددة يفهمون على أساسها المشكلة التي يواجهونها أو الأسباب التي تدفعهم لاتخاذ إجراء معين.
ينطبق الأمر نفسه حينما تود تدريبهم على مهارة جديدة، فلا تذهب إليهم مباشرةً وتخبرهم: «هذه دورة تدريبية جديدة، يجب عليكم التسجيل فيها بأسرع وقت»، بل وَضِّح لهم التحدي الذي تواجهه، وكيف سيفيدهم هذا التدريب سواءً على المستوى المهني أو الشخصي، ولماذا تعتقد أنهم بحاجةٍ إليه.
لكن ربما تسألني هنا: لماذا من المهم أن أتبع هذا الأسلوب وأُبرر لهم؟
إذا فكرت معي، ستجد أن هذا الأسلوب يختصر عليك الكثير من الوقت، ويُقرِّب فريق العمل منك ويُعرفهم على احتياجاتك. ينتج عن ذلك توازنًا أكبر؛ لأنه سيسمح لهم أيضًا بمشاركة احتياجاتهم أو آرائهم؛ مما يُحوِّل التواصل بينكما من مجرد أمر وتنفيذ إلى تجربة وتشاور.
وهذا ما يؤكده «إيلي حبيب» في تجربته مع فريقه، إذ يحكي أنه طلب من أحد المهندسين أن يُصلح عيبًا معينًا، ولكنه تفاجأ من عدم إصلاح الموظف لما طلبه، بل أصلح ما اعتقد أن المشكلة نتجت عنه. يقول إيلي موضحًا سبب تصرف المهندس:
«الفكرة هي أنني عندما أخبرت المهندس بأن ينظر إلى نقطة (أ) و(ب)، لم يعتقد أن هذا منطقي؛ لذا لم يتبع تعليماتي. في حين لو أنني أمضيت 30 ثانية فقط في توضيح بعض المعلومات الأساسية حول المشكلة وشرحت له مبررات تفكيري، فقد يتمكن من إصلاح المشكلة في 30 ثانية أخرى فقط… لذا، ومنذ ذلك الوقت، أدركت مدى أهمية تقديم المعلومات الصحيحة وشرح المبررات: لمَ تريد أن تفعل ذلك».
يرغب كل قائد فريق بالحصول على أفضل نتائج، مما يدفع العديد من القادة إلى وضع أهداف طموحة جدًا قد تحبط الموظفين في النهاية؛ لأنهم سيشعرون بعدم واقعيتها وبأنها بعيدة المنال ولا يمكنهم تحقيقها، لذلك أنصحك بوضع أهداف ملموسة يمكن قياسها في جدول زمني قصير أو متوسط الأمد؛ حتى لا تُرهق الفريق وتستطيع حصد النتائج؛ مما يحفزهم على بذل مجهود أكبر مع كل دورة تدريبية.
من الصعب أن تحصد النتيجة المرجوة إذا كثفت محتوى خطة تدريب الموظفين في وقت ضيق جدًا؛ لأن هذا سيضغط الفريق ويصرف انتباههم عن تطبيق المهارات التي تعلموها نظرًا لضيق الوقت. لذلك، اسمح بمرونة زمنية توفر لهم فرصة لتجربة ما تعلموه أكثر من مرة. وتجنّب أيضًا تدريب الموظفين على أكثر من مهارة في الوقت نفسه؛ بل الأفضل التركيز على مهارة واحدة في كل جلسة تدريب.
كما أوضحت في الفقرات السابقة، تعد تعليقات الفريق عاملًا مهمًا في تقييم نجاح الدورة التدريبية؛ لأنها تُبيِّن لك مناطق القوة والضعف، وتُرشدك إلى الاتجاهات الأخرى التي ستنقل خطط التدريب المستقبلية في شركتك إلى مستوى أكثر احترافية، لذلك اسعَ دومًا إلى معرفة آراء الموظفين وأكِّد لهم أهمية مشاركتهم. يعزز ذلك أيضًا من ولاء العاملين وثقتهم في منظومتك.
يؤكد الكاتب الأمريكي بيتر نولتي أهمية الاستماع إلى آراء الموظفين بقوله:
«من بين جميع مهارات القيادة، يعد الاستماع أكثر المهارات قيمة، على الرغم من أنه أقل المهارات فهمًا. يستمع معظم القادة العاديين إلى موظفيهم في بعض الأحيان، لكن القادة العظماء لا يتوقفون أبدًا عن الاستماع، وهذه هي طريقتهم في رؤية المشكلات والتعرف على الفرص غير المرئية قبل أي شخصٍ آخر».
عَيِّن كلًا مما يأتي:
في النهاية، معرفة كيفية عمل خطة تدريبية للموظفين خطوة ضرورية لأي قائد فريق يهتم بنجاح مؤسسته، لذلك من المهم أن تتبع الخطوات المذكورة بالمقال وتُطَوعها وفقًا لاحتياجاتك. ومع أن تدريب الموظفين قد يكون مكلفًا في الكثير من الأحيان، ولكنّي أنصحك بالنظر إليه على أنه استثمار ستعود فوائده عليك مستقبلًا.
وهذا ما يتفق عليه 90% من مسؤولي الموارد البشرية؛ إذ يرون أن تدريب العاملين يعزز من إنتاجيتهم ويُطور من مهاراتهم فعلًا. ويؤمن 85% منهم بتأثير التدريب إيجابيًا على نمو شركاتهم. تؤكد لنا هذه البيانات أن التكلفة المبذولة في إعداد خطة تدريب الموظفين تستحق فعلًا.