الرئيسية
\
المقالات
\

دليل استقطاب الكفاءات في المملكة السعودية

بواسطة 
أحمد عبد الوهاب

من المنطقي أن تسعى جميع الشركات إلى استقطاب الكفاءات والمحافظة عليها، ويرجع هذا إلى سبب بسيط وواضح جدًا، ألا وهو: أن قوة أي شركة تنتج من مجموع المواهب التي تعمل بها، ولكن على الرغم من ذلك يُوظِّف العديد من أصحاب المشاريع بطرق تقليدية لا تُمَكِّنهم من جذب ذوي المهارة أو المحافظة عليهم، لذلك السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف يمكن استقطاب الموظفين المحترفين فعلًا وضمان بقائهم في شركتك؟

إجابة هذا السؤال وأكثر ستجدها في هذا المقال، لذلك أَكِمل قراءتك بعناية. 

7 خطوات عملية يجب عليك اتباعها لتنجح في استقطاب الكفاءات

ببساطة شديدة، يرغب معظم الموظفين في الوقت الحالي -أكثر من أي وقتٍ مضى- في أشياء أكبر من مجرد راتب مرتفع؛ إذ تُثبِت الإحصاءات أن 59% من الموظفين يلتحقون بالمؤسسات التي تُوفر لها مناخًا للنمو وتُحسن من خبراتهم. وهم ينظرون أيضًا إلى قِيّم الشركة ومدى توافقها مع أهدافهم وقيمهم.

1. اكتب وصفًا وظيفيًا احترافيًا 

تبدأ عملية استقطاب الكفاءات المتميزة من الوصف الوظيفي الذي تكتبه؛ فكلما كان وصفك أوضح وأدق، استطعت أن تجذب المحترفين وتُثير فضولهم عن وظيفتك. وهذا ما يؤكده رائد الأعمال «فؤاد جريس» واصفًا طرق الاستقطاب الوظيفي في المؤسسات التي يعمل بها: 

«ما نحاول القيام به باستمرار هو العثور على سمات شخصية معينة، وهذه الصفات جلية في قوائم الوظائف التي ننشرها على الإنترنت؛ فنحن نصف نوع الشخصية التي نرغب في انضمامها إلينا، ولا نكتفي بخلفيتهم التقنية أو خبراتهم». 

وبناءً على هذا الكلام، من المهم أن يتضمن وصف وظيفتك ما يأتي: 

  • المهارات التي تتوقع أن يعرفها الموظف الجديد 
  • متطلبات الوظيفة ومدى توافقها مع احتياجاته 
  • ثقافة الشركة وما القيم التي تتمسك بها وتود أن يشاركك فيها الموظفون 

من المهم كذلك أن تستخدم نبرة صوتية تناسب علامتك التجارية وهويتك؛ فعلى سبيل المثال إذا كنت تنوي توظيف أشخاص مَرحى يفكرون خارج الصندوق، أنصحك إذًا باستخدام كلمات خفيفة ومبتكرة حتى تُظهر روح شركتك وتُؤكد للمرشحين ثقافتك.

 في حين إن كنت تبحث عن أشخاص محترفين يتبعون التقاليد الرسمية، فمن المهم أن يتضح ذلك من أسلوبك وطريقة كتابتك ولغتك المستخدمة في الوصف الوظيفي. ولا تنسَ أيضًا أن تهتم بطريقة عرض الوصف؛ أي اجعله سهل القراءة والتصفح؛ حتى لا تُرهق المرشحين المحتملين وتقلل من فرص تقديمهم على وظيفتك.  

2. اتبع طرق التوظيف الذكية 

إذا فكرت معي في هذه النقطة، ستجد أن هناك الكثير من منصات التوظيف التي تعرض لك مزايا متعددة لكي تُوظِّف من خلالها. ولكن فكرة استقطاب الكفاءات لا تعتمد على أماكن تواجدهم فقط، بل تكمن كذلك في التأكد من كفاءتهم فعلًا ومدى تناسب مهاراتهم مع احتياجاتك. 

وهذا ما لا توفره منصات التوظيف التقليدية التي تُقدم لك عشرات المرشحين دون معرفة أيهم أنسب وأكبر قدرةً على تلبية متطلباتك. وهنا يأتي دور منصات التوظيف الذكية، مثل منصة سكيلرز التي تختبر لك المرشحين قبل توظيفهم؛ مما يُمكنك من استقطاب الكفاءات المتميزة والمواهب بأذكى طريقة تحافظ على وقتك ومجهودك. 

خاصةً أن أعداد الموظفين الذين يتركون وظائفهم تتزايد باستمرار لأسباب كثيرة، من أهمها هي عدم تكافؤ متطلبات الوظيفة مع مهاراتهم وتطلعاتهم. ووفقًا لأحد الاستبيانات، فإن 31% من العاملين يتركون مناصبهم خلال الأشهر الستة الأولى التي تلي توظيفهم، و68% منهم يغادرون في أول ثلاثة أشهر. 

تشير هذه المعطيات إلى وجوب تغيير طرق التوظيف التقليدية، والسعي إلى تأهيل الموظفين الجدد من خلال تدريبهم على متطلبات وظيفتك أولًا بأول، ومحاولة دمجهم بسرعة في فريق العمل. إضافةً إلى انتهاج إستراتيجيات تُعزز من كفاءة فريقك باستمرار. 

3. رَوِّج لشركتك وأظهر قيمها لتتمكن من استقطاب الكفاءات 

إذا أردت جذب المرشحين المحترفين فعلًا، ينبغي عليك إذًا إظهار قيم شركتك والترويج لفوائد العمل معك. يمكن أن يتم ذلك بمشاركة قصص نجاح موظفيك على موقعك الإلكتروني والشبكات الاجتماعية مثل لينكدإن. 

كأن تُنظم فيديو تسأل فيه الموظفين سؤالًا محددًا، مثل: «كيف تطورت مهاراتك وأفادتك وظيفتك في شركتنا؟»، أو من خلال إنشاء فيديوهات سريعة على إنستقرام أو تيك توك تُظهر روح شركتك وثقافتها، سواء أكانت فيديوهات تسويقية أو تعريفية أو حتى مَرحة. 

الفكرة هنا أن تشارك تجارب الموظفين الذين دخلوا مؤسستك وسرعان ما نمت مهاراتهم وتطورت، سواء عن طريق قصص مكتوبة أو فيديوهات مصورة. أَظهر أيضًا أماكن العمل في شركتك ولقطات من الاجتماعات والمحادثات التي تُبيِّن قيم الشركة وجودة العمل واحترافيته من الداخل. 

وإلى جانب النصائح السابقة، قد يكون مفيدًا أيضًا أن تطلب من الموظفين كتابة شهاداتهم وتوصياتهم بشأن العمل في شركتك حتى تشاركها بصورة دورية على مواقعك الإلكترونية والشبكات الاجتماعية.

تساعدك هذه الطرق على الترويج إلى مؤسستك وبالتالي النجاح في استقطاب الكفاءات؛ لأنهم سيرغبون بكل تأكيد في العمل مع منظمة تُنمي مهاراتهم وتهتم برضا موظفيها. 

4. اعرض لهم أكثر من مجرد وظيفة 

كما أشرت بالأعلى، لا يُعد الراتب هو العامل الوحيد الذي يستخدمه المرشح للمفاضلة بين الوظائف والعروض المقدمة. ومع ذلك، فمن الضروري أن تُوفر للمرشحين راتبًا تنافسيًا يجذب اهتمامهم فعلًا؛ فإذا كنت ترغب في استقطاب الكفاءات، ينبغي عليك بالتبعية أن تعرض عليهم ما يستحقونه. 

ولكن تذكر، لا يُشترط أن يقتصر الأمر على الأموال؛ إذ يمكن أن تُقدم للموظفين تعويضات أخرى، مثل:

  •  علاوات ومكافآت دورية
  • المزيد من المرونة في اختيار أوقات العمل
  •  حرية العمل عن بُعد في بعض الأيام

اعرض لهم أيضًا باقة متنوعة من المميزات، مثل تأمين طبي واجتماعي، واشتراك في أحد الأندية. ووفِّر لهم وجبات غذائية إن طالت ساعات عملهم أو امنحهم خصومات وعروضًا حصرية. تساعدك هذه الباقات على استقطاب أفضل الموظفين. وهي علامة أكيدة على  رغبة شركتك في تعزيز رضا العاملين بها ودفعهم إلى تحسين إمكاناتهم وإنتاجيتهم. 

وإلى جانب الخطوات السابقة، من المهم أن تمتلك خطة واضحة لتدريب الموظفين وتُعلن عنها في الوصف الوظيفي وفي صفحاتك على الشبكات الاجتماعية، خاصةً أن أكبر سبب يحفز الموظفين على ترك وظائفهم هو غياب فرص النمو وفقًا لأحد تقارير منظمة Work Institue. ما يجعل إعلانك للخطوات التي تتخذها لتطوير مهارات الموظفين أمرًا جذابًا للكفاءات. 

تقول رائدة الأعمال «مي مدحت» واصفةً طريقتها في جذب الكفاءات والمحافظة عليها:  «نحاول دائمًا أن نمنح فريقنا شعورًا بأنهم شركاء في الشركة… نوضح لهم ما يتم بأقصى قدرٍ من الشفافية ونشارك كل شيء معًا ولدينا اجتماعات شهرية لمناقشة ما يحدث». 

5. أَثِر فضول المرشحين حول شركتك حتى تنجح في استقطاب الكفاءات

يمكن أن تُنظم يومًا مفتوحًا تدعو فيه المرشحين المحتملين إلى مؤسستك ليتعرفوا عليها من الداخل عن قرب، وقد يتم ذلك من خلال عدة طرق، مثل: 

  • إنشاء حدث مفتوح عبر الشبكات الاجتماعية تدعو فيه المهتمين بالعمل معك 
  • إرسال دعوات حصرية بالبريد الإلكتروني للمرشحين الذين سجلوا في وظيفتك 
  • أو إرسال دعوات مباشرة للأشخاص الذين يُرشحهم الموظفون في الوقت الحالي

تمنح هذه الطريقة فرصة التواصل المباشر مع فريقك ورؤية نظام الشركة بشكلٍ أفضل؛ مما يُمَكنك من استقطاب الكفاءات التي تريدها.

وقد تُفكر في اتباع الأمر نفسه ولكن افتراضيًا -مثل تنظيم هذا اليوم عبر الإنترنت بدلًا من تنظيمه على أرض الواقع- إذا كنت تهدف إلى توظيف العاملين عن بُعد؛ كأن تشرح لهم عبر الفيديو كيف تتم عملية التوظيف في شركتك، وما هي آليات متابعة العمل وإحالة المهام، وما الفوائد التي ستعود على كل مرشح إذا انضم إلى الشركة، وتعطي لهم الفرصة للسؤال عن أي شيء يريدونه. 

6. لا تخجل من إقناع الأشخاص المناسبين فعلًا بالانضمام إليك  

إذا كنت جادًا بشأن استقطاب الكفاءات، فلا تتردد أبدًا في التوجه إلى الأشخاص المحترفين الذين تراهم سيُضيفون إلى عملك وإقناعهم بالعمل معك، حتى وإن ترددوا أو رفضوا في البداية. توضح رائدة الأعمال «نعمة البسّوني» طريقتها المفضلة في توظيف الكفاءات بقولها: 

«أعتقد أنه ليس هناك حرج لدى رواد الأعمال في أن يقوموا بإقناع الناس بالالتحاق بشركتهم الناشئة. لا شك أنه عندما تطلب من شخص ما الالتحاق بشركتك الناشئة، فأنت بذلك تطلب منه تغيير حياته وكل ما يقوم به، وهو طلب ليس باليسير». 

وبسبب هذه الصعوبة، من المهم أن تشرح للأشخاص الذين ترغب بانضمامهم إليك قِيمك وما الفوائد التي قد يجنوها من العمل معك على المدى البعيد. من الضروري أيضًا أن تُبلغهم برسالة شركتك وثقافتها وتتأكد من فهمهم لها، وهذا ما تتفق عليه «نعمة البسوني»، إذ تُوَضح: 

«تتمثل الرؤية المتبلورة التي توصلت لها من واقع خبرتي في الحرص على شرح رؤيتك جيدًا وأن تصوغ قصةً توضح جوهر نشاطك التجاري وما تحاول تحقيقه. عليك أن تُسوِّق لحلمك إن جاز التعبير». 

وهذا الأسلوب هو ما اتبعه مؤسس شركة كريم «مدثر شيخة»؛ إذ يقول ناصحًا صناع القرار في الشركات: «لا تستسلم، يستغرق الأمر وقتًا لضم المواهب. لكن عندما تجد شخصًا تعتقد أنه سيحدث فارقًا كبيرًا في مسار مشروعك الناشيء، أرجو ألا تتخلى عنه، اطرق بابه عشرات المرات حتى يتوقف هذا الشخص عن الرد على مكالماتك الهاتفية، ولكن احرص بشتى الطرق على ضمه إلى فريقك». 

ويُوضِح مدثر أن هذه النصائح لم يكتسبها من فراغ؛ فقد رفض «عبدالله إلياس» وهو الشريك الثالث في شركة كريم الانضمام إلى المؤسسة أكثر من مرة، ولكن شعر مدثر بأن عبدالله سيُضيف إلى المؤسسة وسيُعزز من نموها، وهو ما جعله يعرض مرارًا وتكرارًا بطرق مختلفة الانضمام إليه؛ حتى نجح مدثر في ضمه إلى الشركة. 

7. ابقَ على تواصل مع الجميع 

يظن الكثير من القادة أن علاقتهم انتهت بالموظفين الذين يتركونهم، مع أنك لو فكرت معي هنا سترى أنك تستطيع تطوير شركتك من خلالهم بأكثر من طريقة.

على سبيل المثال، إذا نمت شركتك واستطعت أن تُطور من فرص التدريب وترفع الأجور، عندئدٍ يمكن أن تتواصل مجددًا مع الموظفين السابقين المتميزين وتُخبرهم بعروضك؛ فأولًا هم يفهمون ثقافة شركتك أكثر من غيرهم. أضف إلى ذلك، أنهم ذهبوا إلى مكانٍ آخر واكتسبوا خبرة فيه، ما يعني أنهم أكثر استعدادًا ومهارة. 

أو يمكن أن تتواصل معهم لعقد شركات أو الحصول على ترشيحات مباشرة بشأن الكفاءات. أي أن البقاء منصفًا وإيجابيًا مع الموظفين السابقين أمر ضروري إذا رغبت في استقطاب الكفاءات بطرق متعددة. 

وإلى جانب ذلك، أنصحك أيضًا بالبقاء على تواصل مع المرشحين المحتملين الذين أُعجبت بمهاراتهم لكن أماكن التوظيف لم تستوعبهم؛ لأنه في بعض الأحيان يكون هناك مرشحين جيدين جدًا، ولكن الأماكن المتاحة محدودة أو قد يطلب هؤلاء المرشحون راتبًا أعلى من ميزانيتك الحالية. لذلك، حاول مع أول فرصة أن ترجع إليهم وتعرف أخبارهم وتُحفزهم على الانضمام إليك. 

ستتمكن بهذه الطرق من استقطاب الكفاءات المتميزة والمواهب؛ لأنك تسمح بقنوات تواصل متعددة تربطك بأشخاص محترفين تستطيع دعوتهم إلى شركتك في أي وقتٍ ممكن؛ مما يُقلل من توترك في حالة ترك أحد الموظفين منصبه فجأة؛ فأنت تعلم بالنهاية أن هناك المزيد من الأشخاص المحترفين المستعدين دومًا للانضمام إليك. 

الخلاصة 

من المهم أن تدمج جميع الخطوات التي ذكرتها بالأعلى معًا؛ لأنها مترابطة ولا يمكن النظر إلى خطوة واحدة على أنها العامل الرئيسي في استقطاب الكفاءات، لذلك بينما تفكر في تعزيز علامتك التجارية وتقديم عروض تنافسية، اسعَ أيضًا إلى إنشاء فرص حقيقية للنمو الوظيفي وخلق بيئة عمل إيجابية وآمنة، وبذلك ستنجح فعلًا في جذب المحترفين.