كُلّما نمت الشركة ازدادت الحاجة للتوظيف، وتزايدت متطلبات الشركة، مدفوعة بالتغيرات في سوق العمل وزيادة المنافسة بين مختلف المنافسين، ومن هنا تأتي الحاجة إلى وضع سياسة توظيف مكيفة لمواجهة تحديات نقص المهارات وحروب المواهب، لذلك تبذل الشركات جهودا حثيثة في البحث عن المرشحين، ونشر عروض العمل (يقضي القائمون على التوظيف حوالي سبعة إلى عشرة أيام في البحث عن المواهب لمنصبٍ ما)، ويصبح من الضروري تنظيم الإجراءات والتخطيط لها، وذلك يشمل تطوير خطة التوظيف التي تُعتبر السلاح لتنفيذ سياسة التوظيف، والتي يجب أن يتم تصميمها بأكبر قدر من الدقة!
ما هي خطة التوظيف؟ ما أهميتها ومراحلها؟ و كيف تضع خطة التوظيف الفعالة؟ نقدم في هذا المقال أفضل النصائح لإرشادك.
هي جميع العمليات التي يتم تنفيذها لتحديد استراتيجية التوظيف في الشركة، كجزء من سياسة شاملة لتوظيف الأشخاص بشكل فعال في الشركة، وتسمح هذه الاستراتيجية بتحديد مسار عمليات التوظيف القادمة في الشركة وتفصيل المراحل المختلفة التي ستمر بها لجذب وتعيين الموظفين المستقبليين، وهي بمثابة خارطة طريق حقيقية لقادة التوظيف، ويتم تطوير الخطة قبل التوظيف لتحسين فرص العثور على الشخص المناسب للوظيفة التي سيتم شغلها!
خطة التوظيف، تخطيط الوظائف، تخطيط الموارد البشرية، أو تخطيط القوى العاملة، كلها مرادفات للمعنى نفسه، وكلها تشير إلى هدف واحد يمكن تلخيصه في: اختيار الأشخاص المناسبين، ذوي المهارات المناسبة، وتوزيعهم بشكل مناسب، بالعدد المناسب، في الأماكن المناسبة، في الوقت المناسب، وبتكلفة مناسبة.
بعبارة أخرى، تنطوي عملية تخطيط التوظيف على تحديد وتلبية احتياجات المنشأة من القوى العاملة في كل وحدة من وحداتها، وتغطيتها ضمن فترة زمنية محددة وبتكلفة مدروسة. ولا ينتهي دور خطة التوظيف عند هذا الحد، بل هي عملية تبدأ باختيار نظام الاستقطاب واجتذاب المرشحين المناسبين وتوظيفهم، ثم تدريبهم وتحفيزهم وإدارتهم والحفاظ عليهم.
توفر خطة التوظيف إجابات محددة على الأسئلة التي قد تنشأ أثناء التوظيف، على سبيل المثال، تساعد في الإجابة على الأسئلة التالية:
يتيح تخطيط القوى العاملة أو خطة التوظيف للمنشآت تحقيق أهدافها من خلال تدريب المديرين التنفيذيين على اكتساب المواهب التي يحتاجون إليها أو تطويرها بشكل استباقي، بدلاً من انتظار ظهورها للتعامل معها. يساعد التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية على توقع الاحتياجات المستقبلية بناء على تغيرات السوق وإمكانات النمو وتقاعد الموظفين والمتغيرات الأخرى. إنه نهج منظم لمواءمة القوى العاملة لديك مع الاتجاه الاستراتيجي لمنشأتك. يمكن أن تساعد خطة التوظيف في تحديد إمكانات الموظفين، وتطوير الموظفين للانتقال إلى الأدوار المستقبلية، ومعالجة أولويات العمل المتغيرة، وسد الفجوات في مهارات الموظفين وكفاءاتهم.
تُعتبر خطة التوظيف أمرا حيويا كذلك في توقع ومعالجة الآثار المحتملة للمتغيرات العالمية، مثل موجات الركود العالمي، آثار الحروب والجوائح العالمية، وما إلى ذلك.
ببساطة، ستسمح لك خطة التوظيف الجيدة بما يلي:
إن فهم كيفية تحسين عملية التوظيف يمكن أن يؤدي إلى تقصير دورة التوظيف بنسبة 60% مع تحسين الجودة، ولكي تنجح في وضع وتنفيذ خطة التوظيف، من الضروري المرور عبر المراحل التالية:
لا يقتصر التنبؤ باحتياجات المنشأة من القوى العاملة على تقصي الشواغر الضرورية، ولكنه ينبغي أن يبنى على رؤية مؤسسية شاملة وأهداف واضحة متسقة مع استراتيجية المنشأة ورؤيتها، من حيث نوعية الكفاءات التي تحتاج إليها في المستقبل، سواء على المدى القريب أو البعيد. كذلك يجب أن يكون هناك وعي كبير بالوضع الراهن للشركة، سواء كانت في طور التوسع، أو ربما تقليص النفقات، هل تتجه إلى أسواق جديدة تتطلب فئات مختلفة من القوى العاملة؟ هل هناك نية لإضافة أو إيقاف أنشطة جديدة داخل المنشأة؟ كل هذه الأسئلة ينبغي أن يتم الإجابة عليها أثناء القيام بتحليل الطلب.
يعتمد تحليل الطلب كذلك على دراسة الوضع الحالي للعاملين بالمنشأة، من حيث معدلات تقييم الأداء ومدى الرضى الوظيفي، وكذلك الانتباه لعدد الموظفين الذين شارفوا على التقاعد، أو الذين تنتوي المنشأة التخلي عنهم في المراحل المقبلة، ومدى اتساق ذلك مع الرؤية العامة للمنشأة.
من المصادر المهمة لبيانات هذا التحليل استطلاع وجهات نظر المدراء على كافة مستوياتهم، وكذلك من خلال استبيانات الرضى الوظيفي، ومقارنة نتائج تقييم الأداء بشكل خطي لاستيعاب مسار التطور المهني للموظفين الحاليين.
ينبغي كذلك توقع عدد العاملين المتوقع خسارتهم خلال الفترة من خلال القياس على التغير في معدلات الدوران خلال الفترات القادمة، وأخذ ذلك في الاعتبار.
خلال هذه المرحلة يتم فحص بيانات العاملين داخل المنشأة من عدة أوجه، منها مراجعة خطط التتابع /الترقي الوظيفي لتحديد فرص شغل بعض شواغر على درجات وظيفية أعلى من خلال القوى العاملة الحالية، وهل يستتبع ذلك تكاليف إضافية مثل تخصيص برامج تدريبية معينة مثلاً؟
كذلك ينبغي فحص سجلات المتدربين الحاليين والسابقين وتحديد من يمكن توظيفهم مستقبلاً خلال الفترة التي تغطيها خطة التوظيف. وكذلك قواعد بيانات المرشحين السابقين الذين يتمتعون بقدر مناسب من الكفاءة ولكن لم يتم اختيارهم، حيث تحتفظ إدارات الموارد البشرية عادة بسجلات المرشحين وسيرهم الذاتية لفترات تتراوح ما بين 6 أسابيع إلى 6 أشهر، وتعتبر هذه السجلات مخزوناً جيداً للمرشحين المحتملين.
يتم كذلك تقييم مصادر التوظيف الخارجية حسب نوعية القوى العاملة التي تحتاجها المنشأة، مثل شركات التوظيف والمواقع الإلكترونية المختصة، وتحديد ما إذا كانت كافية ومناسبة للمرحلة القادمة؟ هل ستكون هناك حاجة للتعاقد مع وكالات توظيف أخرى؟ وما هي تكلفة ذلك؟
من خلال الخطوتين السابقتين يتم الحصول على ما يسمى بفجوة القوى العاملة Workforce Gap، وهي ببساطة المسافة بين ما هو متوفر وما هو مطلوب، ليس فقط فيما يتعلق بالكم، وإنما في الكيف، بمعنى أنه يجب تعريف الفجوة بين مخزون المهارات الحالي، ونوعية المهارات المطلوبة، وتحديد أقصر الطرق لرأب هذه الفجوة وأقلها تكلفة، وأكثرها جدوى، سواء من خلال التوظيف أو التدريب والتطوير، أو التحفيز.
يتم في هذه المراجعة إنشاء قائمة أو قاعدة بيانات يتم من خلالها احتساب التكلفة السنوية للقوى العاملة الحالية، تشمل كافة بنود الأجور والمزايا والرسوم الحكومية، وتقدير الزيادات السنوية والمكافآت والحوافز، وكذلك تكلفة التدريب والتطوير، وأية نفقات مالية أخرى تتعلق بالموظفين الحاليين. مع مراعاة احتساب نسبة التغير في هذه البنود تفصيلاً وإجمالاً.
ثم يتم احتساب تكلفة توظيف القوى العاملة المطلوبة خلال الفترة التي تغطيها خطة التوظيف، وتشمل هذه التكلفة كافة التفاصيل التي تم إدراجها في حساب تكلفة القوى العاملة الحالية، إضافة إلى تكلفة عملية التوظيف ذاتها (مثال: أتعاب شركات التوظيف، اشتراكات مواقع التوظيف، .. إلخ).
تعتبر خطة التوظيف من أهم المخرجات الرئيسية لعملية تخطيط القوى العاملة، ومن خلالها يتم التخطيط للخطوات الإجرائية لسد فجوة القوى العاملة، حيث يتم جدولة الاحتياجات الوظيفية وفقاً لأولوياتها، وتحديد المصادر المحتملة لكل وظيفة، ونوع التوظيف الملائم (دوام كامل- عقد مؤقت- عمل عن بعد- دوام متغير- دوام هجين).
تهدف خطط التدريب والتطوير لزيادة الحصيلة المهارية لمخزون القوى العاملة الحالي، ومواكبة خطط التتابع الوظيفي، وكذلك دعم عملية دمج الموظفين الجدد داخل المنشأة، وتحقيق الاستفادة القصوى من المواهب قليلة الخبرات.
تنقسم خطط التوظيف إلى ثلاثة أنواع وفقاً للمدى الزمني الذي تغطيه خطة التوظيف، ومن ثمّ طبيعة الإجابات التي نحصل عليها من كل نوع:
وتعتبر هذه الخطة هي الأنسب للشركات بشكل عام، ويقتصر مداها الزمني على سنة واحدة، وتلبي هذه الخطة الاحتياجات التشغيلية للمنشأة في المقام الأول
يتراوح المدى الزمني لهذه الخطة ما بين 2-5 أعوام، وتركز على الاستراتيجية العامة للمنشأة وتحقيق أهداف بعيدة المدى.
ويتراوح المدى الزمني لهذه الخطة بين 10-15 عاماً، ويقتصر استخدامها على الحكومات والمؤسسات التابعة لها، وترتبط برؤية الدولة وتعتمد على استقراء العوامل الديموغرافية وترتبط بسياسات التعليم والتدريب والتطوير على المستوى القومي.
فيما يلي 10 خطوات فعالة لإعداد خطة التوظيف الناجحة:
تبدأ خطة التوظيف بالضرورة بالتركيز على احتياجات التوظيف في الشركة، فكل منصب فريد من نوعه وله متطلباته الخاصة.
للتوظيف الفعال، يجب على الشركة تحديد من سيكون مسؤولا عن التوظيف، اعتمادًا على المواهب التي سيتم توظيفها والمهارات الموجودة بالفعل في الشركة، يمكن أن يتم التوظيف داخليًا أو الاستعانة بمصادر خارجية.
على سبيل المثال؛ قد يتم تكليف مدير الموارد البشرية للشركة أو الاستعانة بشركة توظيف متخصصة.
عندما يتم تحديد احتياجات التوظيف، يأتي وقت كتابة إعلان توظيف، ويجب أن يحتوي الأخير على الاحتياجات الأساسية التي تسعى إليها الشركة.
يجب أن يكون جذابًا ودقيقًا ويجب أن يتمكن من جذب أفضل الكفاءات.
يعد اختيار القنوات لنشر الإعلان عن الوظائف أحد المكونات المهمة لخطة التوظيف، اعتمادًا على القناة المختارة، لن يكون تأثير إعلان التوظيف هو نفسه، لذلك من الضروري تحديد المنصة (المنصات) التي من المرجح أن تجد فيها الملفات الشخصية المناسبة للمرشحين (الشبكات الاجتماعية، صفحة التوظيف الخاص بالشركة، تبويب الوظائف، شركة متخصصة في التوظيف، مواقع التوظيف العامة.. إلخ) هنا خيارات واسعة!
يعد الاختيار المسبق للسير الذاتية وخطابات التقديم المستلّمة جزءًا لا يتجزأ من مراحل تطوير خطة التوظيف. (بحسب غلاسدور Glassdoor في المتوسط، ستتلقى إعلانات الوظائف 250 سيرة ذاتية، ومن بين هؤلاء المرشحين 4-6 سيحصلون على مقابلة!)
يجب أن يتم اختيار أفضل المرشحين وفقًا للحد الأدنى من معايير الاختيار المحددة في المرحلة الأولى من خطة التوظيف.
ومن الجيد أن تعرف: تحديد المصادر هو أيضًا وسيلة توظيف فعالة.
تسمح لك مقابلة العمل بتأكيد أو دحض حدسك، تعد المقابلة أداة فعالة لتقييم والتحقق من المهارات المطلوبة للوظيفة المعنية.
بعد المقابلة مع جميع المرشحين في القائمة المختصرة، حان الوقت لاختيار الأفضل، يجب أن تتيح خطة التوظيف الفعالة إمكانية التعرف بسرعة على المواهب التي تتوافق مع احتياجات التوظيف.
اقتراح التوظيف هو خطوة عملية، والهدف منها ليس تلقي الرفض من المرشح، بل قبوله، وللقيام بذلك، يجب أن يتضمن اقتراح التوظيف المعلومات الأساسية من عرض العمل، وأيضًا العناصر المتفق عليها أثناء المقابلة.
الخطوة الأخيرة في خطة التوظيف الفعالة هي الإعداد، يساعد الاندماج الناجح في الشركة بإتمام عملية التوظيف بفاعلية. يجب أن يتم العمل على تأهيل الموظفين الجدد من قبل أقسام الموارد البشرية لمنح أنفسهم أفضل فرصة للاحتفاظ بالمواهب.
في عصر الحرب على المواهب، قد يؤدي رحيل الموظف إلى وضع الشركة في موقف صعب، ولتجنب هروب الموظفين الرئيسيين، من المهم الاحتفاظ بهم والعمل على تعزيز شعورهم بالانتماء إلى الشركة.
الاستماع وتبادل وجهات النظر من خلال تنظيم المقابلات الرسمية وغير الرسمية يجعل من الممكن الاهتمام بتجربة الموظف، وبالتالي نزع فتيل المشاكل المحتملة.
ختاما، تساعد خطة التوظيف المنشأة على إنشاء إطار استراتيجي لاتخاذ قرارات التوظيف. يمكن أن يؤدي تحليل بيانات القوى العاملة إلى اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن التوظيف، مما يمكن أن يساعد المنشأة في الوصول إلى أهدافها أو تجاوزها والتعامل بسرعة مع المشكلات عند ظهورها.
يجب أن تبدأ المنظمات بتقييم المهارات الأساسية اللازمة لتحقيق أهداف المنشأة، وتحديد أين توجد فجوات المواهب، ومن ثم تطوير استراتيجية لملء الفجوات بكل من العمل بدوام كامل ومن خلال أنماط توظيف أخرى.