مصطلح منصة توظيف ذكية هو مصطلح حديث نسبيًا، ربما تعرضنا له على عجالة دون تمعنٍ في فوائده التي تختصر عملية التوظيف إلى أيام معدودة، لذلك دعني هنا أُبسط هذا المفهوم لنتعرف أكثر على مميزاته، ولكن قبلها لنبدأ بسؤال مهم: كيف كانت تتم عملية التوظيف قبل ظهور منصات التوظيف الذكية؟ وما الذي اختلف بعد ظهورها؟
يبدأ التوظيف التقليدي عادةً بنشر إعلان وظيفتك على الشبكات الاجتماعية أو مواقع التوظيف المختلفة، لتستقبل بعد ذلك ملفات السير الذاتية التي يتطلب عليك مراجعتها، بعد ذلك تنطلق في دوامة من الاتفاق على مواعيد محددة للمقابلات، ومن ثم خوض نقاشات ومفاوضات حول الأسعار للوصول إلى العرض الأفضل.
ولكن نادرًا ما تنتهي عملية التوظيف بهذه الطريقة عند هذا الحد، فعلى الرغم من هذه التفاصيل المتشعبة والجهد المبذول فإنك تُفاجأ بأن مهارات مَن وظفتهم لا تتناسب مع احتياجاتك، أو قد ينضموا إلى شريحة الموظفين الذين يتركون وظائفهم بعد أقل من شهرين، وهم بناءً على إحدى الإحصاءات كُثر؛ إذ تتجاوز نسبتهم 30%، لتجد نفسك تعاود الكرة من جديد في رحلة من مراجعة السير الذاتية والإتفاق على مقابلات وإجرائها... إلخ.
لذلك السؤال الذي ينبغي طرحه هنا: كيف يمكن بصفتك مديرًا للشركة أو مسؤولًا عن عملية التوظيف أن تساهم في حل هذه المعضلة؟
وفقًا لأحد الاستبيانات، فقد أوضح ما يقرب من 36% من مديري التوظيف بأنهم لا يملكون الموارد اللازمة أو الكافية لتوظيف الكفاءات التي يريدونها. وهذا أمر لا نحتاج إلى التمعن فيه حتى ندرك أسبابه؛ فمعظم مسؤولي التوظيف يستعينون بالوسائل التقليدية التي تعيق عملية التوظيف وتجعلها غير دقيقة ومرهقة كما أوضحت بالأعلى.
لكن دعنا نتخيل الآن سيناريو مختلف، وهو وجود منصة توظيف ذكية؛ تدرس بدلًا عنك السير الذاتية للمرشحين وتختبر مهاراتهم، وتُرتب ملفاتهم بناءً على أولوياتك ومتطلباتك، وتساعدك أيضًا على جدولة المقابلات والتفاوض على الأسعار وغير ذلك من المهام الضرورية. إن وجود منصة توظيف كهذه لن يساعدك فقط على تسريع عملية التوظيف واعتماد الأشخاص ذوي المهارة، بل سيساهم كذلك في حفظ طاقتك؛ لتركز على ما يهم فعلًا دون استنزاف وقتك ومجهودك.
لكن ربما تقول لي الآن: «وجود منصة توظيف بالمفهوم الذي ذكرته قد يكون مفيدًا فعلًا، ولكنه سيُشكل ضغطًا إضافيًا يرهق مسؤولي التوظيف؛ لأنهم سيحتاجون إلى فهم المنصة وآلية التعامل معها وتصفية النتائج للوصول إلى المرشحين المناسبين؛ مما قد يزيد من تعقيد العملية الصعبة والمعقدة بالأساس».
وبكل صدق أنا أتفق معك في هذه النقطة، خاصةً إذا كان استخدام منصة التوظيف صعبًا أو مربكًا. من أجل ذلك، ينبغي على أي منصة توظيف أن يتوافر بها شروطًا أساسية تُسهل التواصل مع المرشحين ومتابعة تعيينهم؛ لتُحقق في النهاية أقصى استفادة منها دون الغرق في تفاصيل استخدامها أو إنهاك مَن يتابع عملية التوظيف من خلالها، لذلك دعنا نتعرف هنا على بعض المواصفات الضرورية في أي منصة توظيف ناجحة:
وإذا استوفت منصة التوظيف هذه الشروط، فستكون قادرًا على الاستفادة منها بأكثر من طريقة دون أن تُرهق نفسك أو تستنزف وقتك في تعلم كيفية استخدامها. والآن بعد اتفاقنا على هذه الشروط، دعني أستفيض قليلًا في ذكر أهم 5 فوائد قد تُجنيها من اعتمادك على التوظيف الذكي.
وفقًا لأحد المصادر على موقع التوظيف العالمي لينكدإن فإن المدة الزمنية التي تستغرقها عملية التوظيف تتراوح من 3 إلى 6 أسابيع. وقد تزيد هذه المدة إذا زاد عدد المتقدمين أو الخبرة المطلوبة. وفي إحدى التجارب التي قام بها مطور البرمجيات جاكوب كابلان Jacob Kaplan ونشرها على موقعه الإلكتروني، فإن عدد الساعات المطلوبة لاعتماد الموظف الصحيح في أفضل السيناريوهات يستغرق ما يقرب من 100 ساعة!
وهذا بناءً على حسبته التي أعدها من تجربته لاستقبال طلبات التوظيف من 60 متقدمًا، تلاها فيما بعد بدراسة ملفات السير الذاتية، وفَلترة المتقدمين، وعمل مقابلات مبدئية، وانتهاءً بالمقابلات الأساسية للحصول على أفضل عرض. وتشاهد في الصورة التالية تفاصيل هذه التجربة:
تؤكد هذه البيانات حجم الوقت المستهلك لتوظيف شخص واحد بالطرق التقليدية. وأريدك أن تتخيل هنا كم الوقت الذي يمكن أن تستهلكه إذا أردت توظيف أكثر من شخص. لذلك، حين ننظر إلى تلك البيانات، سنتيقين من حجم الإفادة التي تقدمها أي منصة توظيف ذكية.
لا سيّما إذا كانت مصممة وفقًا لاحتياجاتك؛ لأنها ستُوفر عليك هذا الوقت؛ إذ إن مراجعة ملفات السير الذاتية والتحقق من وجود المهارات المطلوبة في المرشحين، وجدولة المقابلات، وخوض المفاضلات كلها أمور ستكون خاضعة لمهام المنصة، ما يوفر عليك فعليًا ساعات عمل طويلة.
مع منصات التوظيف الذكية أنت لست مضطرًا لاستهلاك طاقتك؛ فأولًا أنت متواجد في منصة واحدة تُمَكنك من تخزين الملفات المهمة، والاطلاع على ملفات المرشحين بكل سهولة، وجدولة المقابلات، وكل ذلك من مكان واحد؛ أي أنك لن تُشتت نفسك بالتواجد والمتابعة على أكثر من منصة.
وتوفر بعض منصات التوظيف خيار المقابلات الافتراضية عبر الفيديو، ما يجعل تجربة التوظيف أكثر مرونة وانسيابية، إضافةً إلى تسهيل المحادثات والمتابعة وإسناد المهام بين فريق التوظيف في شركتك؛ مما يجعل عملية متابعة المرشحين شمولية ومنظمة، وكل هذا يؤدي إلى اتخاذ قرارات فعالة توفر عليك الكثير.
وإلى جانب ذلك، فإنك لا تحتاج إلى مشاركة محتواك على المواقع الإلكترونية المختلفة، أو انتظار قبول عروضك على منصات التوظيف الأخرى، أو حتى إرسال رسائل بريد إلكتروني فردية للمرشحين ربما لا تصل إليهم أو لا يجيبون عليها؛ لذلك باختصار أنت تُقدم تجربة استثنائية لفريق التوظيف في شركتك.
الإفادة لا تتوقف عند فريق التوظيف فقط، لأنها تمتد إلى المرشحين الذين سيشعرون بجديتك في التوظيف وبأنك تحترم أوقاتهم؛ إذ يتوقع المرشحون أن تتم عملية التوظيف بكل شفافية وسرعة، وأن تكون التجربة بحد ذاتها واضحة وسهلة. ولاحظ أن أي خلل أو تعقيد في عملية التوظيف سيستنزف وقتك ويُحَمِلك تكلفة إضافية أنت في غنى عنها.
يؤكد ذلك أحد الاستطلاعات الذي أعرب فيه ما يقرب من نصف المرشحين عن رفضهم لعروض العمل التي حصلوا عليها بعد تجربة التوظيف السيئة أو الطويلة. أما من زاوية أخرى، فإن عملية التوظيف المرنة والسريعة تستقطب ردودًا أعلى وتحافظ على طاقة المرشحين؛ فعلى سبيل المثال الوظائف السهل تصفحها من الهاتف المحمول حصلت على معدل ردود أعلى بنسبة 11% من غيرها.
ولك أن تتخيل الأمر مع منصة توظيف متكاملة تُسَرع عملية التوظيف من أول خطوة، وهي ليست مهيأة فقط للهواتف المحمولة، ولكنها مصممة لتخدم احتياجات مسوؤلي التوظيف والمرشحين على حد سواء من خلال خدمة شاملة.
وحينما ننظر لدور منصات التوظيف الذكية من الأعلى، سنرى صورة أكثر اكتمالًا؛ وهي أنك سَرِّعت عملية التوظيف وبَسَّطتها، وحافظت على طاقة المرشحين ومسؤولي التوظيف. تؤدي كل هذه العوامل إلى اتخاذ قرارات حكيمة وأكثر توافقًا مع احتياجات شركتك.
وتساعدك المنصة على مطابقة المرشحين المحتملين مع الوظائف المطلوبة من خلال مقارنة مهاراتهم وتوقعاتهم مع متطلبات الوظيفة. ويمكنك بضغطات زر بسيطة «فلترة» المرشحين بناءً على المعايير التي تهمك؛ على سبيل المثال، إذا كنت تريد ممثلًا لخدمة العملاء في شركتك بشرط ألا يزيد راتبه عن 10 آلاف ريال، يمكنك عنذئدٍ تحديد معيار الراتب وإدخال القيمة المُرادة، ومن ثم سيُعرض لك ملفات المرشحين التي تتوافق مع القيمة المحددة.
ولا يقتصر الأمر هنا على معيار الراتب فقط؛ لأنه مع منصة التوظيف الذكي سكيلرز يمكنك فلترة المرشحين بأكثر من 15 معيارًا مختلفًا؛ مما يُسرع من عملية انتقاء الموظفين المناسبين ويعزز من إنتاجيتك.
وهذا الأمر يُقلل أيضًا من التحيز في عملية التوظيف؛ لأنك تختار الموظفين بناءً على معايير محددة تنطبق على الجميع في الوقت نفسه، وبذلك تكون معادلة التوظيف كالتالي: تقييم دقيق ومحدد = توظيف أسرع وأبسط؛ مما يجعل قرار التوظيف دومًا في صالحك ومتوافق مع معاييرك منذ الخطوة الأولى.
من الطبيعي أن ترغب في الحصول على أفضل مرشح، وهذا قد يجعلك تُطيل عملية التواصل والمقابلات والتفاوض؛ على أمل أن تجد مَن يناسبك. ولكن دعنا ننظر هنا إلى أمر مهم جدًا، وهو أن 67% من الباحثين عن عمل أعربوا عن استيائهم الشديد من الشركات التي تتأخر في عملية توظيفهم لأكثر من شهر. وفي المجمل، اتفق 92% من المرشحين وفقًا لأحد الاستبيانات على أنهم عانوا من ممارسات توظيف سيئة.
قد تتمثل هذه الممارسات في عدم وضوح آلية التوظيف أو المعايير التي يتم على أساسها اختيار المرشحين المناسبين، أو الاختفاء فجأة من جميع وسائل الاتصال دون الحصول على تبرير أو توضيح بنتيجة التوظيف. وكل هذه الأمور تُفقدك ثقة المرشحين وتُحفز مشاعر سيئة قد تضر بسمعة شركتك؛ مما قد يؤثر سلبًا على عمليات التوظيف المستقبلية التي قد تُجريها، لتجد عدم إقبال على التقديم أو غياب المرشحين الخبراء.
وهذا ما يؤكده أحد الاستبيانات الذي أُجريَّ على أكثر من 10,000 شخص في الولايات المتحدة الأمريكية بسؤالهم عما إذا كانوا سينصحون صديقًا لهم أو فردًا من أفراد عائلتهم أو زملائهم بعدم التقديم على وظيفة معينة في حالة مرورهم بتجربة تعيين سيئة، ليتفق أكثر من 56% من عينة الاستبيان على امتناعهم عن ترشيح هذه الوظيفة.
لكن حينما نُقيِّم التعيين مع منصة توظيف ذكية، سنرى الأمر مختلفًا عن السيناريو السابق بشدة؛ فمع منصة سكيلرز هناك برامج تدريبية مخصصة لتأهيل المرشحين وتعزيز مهاراتهم، وهذا يعني أن الغالبية العظمى من المتقدمين على وظيفتك أهلٌ للمنافسة وأكثر كفاءة من غيرهم، وهم أقرب لفهم احتياجات شركتك. إلى جانب ذلك، فعملية التعيين تسير بشفافية وبمعايير دقيقة واضحة للجميع، وكل ذلك يُنجز في وقت قصير؛ أي أنك ستستقطب الخبراء دون أن تُسْتَهلك طاقتهم.
وما يؤكد كلامي هو نجاح عدة شركات اعتمدت على منصات التوظيف الذكية لتلقي طلبات المرشحين واعتماد الخبراء منهم، مثل شركة رواء المتخصصة في إدارة محلات التجزئة؛ إذ اعتمدت على منصة التوظيف سكيلرز لاستقطاب الكفاءات. واستطاعوا بعد مرورهم بتجربة التعيين الشاملة والسريعة من خلال المنصة أن يوسعوا فريق عملهم من 2 إلى 30 موظف، ونجم عن ذلك أيضًا زيادة في حجم معاملاتهم اليومية بنسبة 250%.
لذلك يمكننا الاتفاق هنا على أن تعاملك مع منصة توظيف احترافية سيُمكنك فعليًا من جذب شريحة الموظفين المستهدفين، دون أن يؤثر ذلك على تجربتهم لأنك لا تُطيل عليهم عملية التقديم، وهم مطلعون اطّلاعًا كافيًا على آلية التعيين ويُدركون الصورة العامة، وكل ذلك يرافقه معايير واضحة تجعل جميع القرارات في صالحك؛ مما يزيد من فرصتك لإيجاد المرشح الخبير الذي يلائم متطلباتك بنسبة 60% وفقًا للإحصاءات المقررة على منصة سكيلرز، ويعزز ذلك أيضًا من سمعة شركتك.
إذا تمعنت في الفوائد التي ذكرتها بالأعلى، سترى أن منصة التوظيف هي أسلوب جديد وعصري لتوظيف أكثر سرعة ومرونة، ولا تقتصر مزاياه على النقاط المذكورة؛ لأنك ستكتشف بنفسك العديد من الفوائد حينما تجرب هذا الانتقال، مثل: الاقتراب من فهم احتياجات توظيفك بصورة أفضل، ومقارنة ملفات المرشحين والمفاضلة بينها دون الحاجة إلى تقنيات إضافية أو إنشاء العديد من ملفات إكسيل أو غيرها من الوسائل التقليدية المرهقة.
وبذلك ستكون أكثر وعيًا بسلوكيات استقدام الموظفين الجدد في شركتك. وملخص القول هنا: تعاملك مع منصة توظيف ذكية سينقل تجربة التعيين في شركتك نقلةً نوعية تُحسّن جِديًا من أداء مسؤولي التوظيف وتجذب بها الخبراء الذين يستطيعون مساعدتك في وقتٍ قياسي. ألا يستحق هذا التجربة؟