فَهم الفرق بين التسويق والإعلان أمرٌ بالغ الأهمية لأي صاحب شركة يسعى إلى زيادة الوعي بعلامته التجارية وجذب المزيد من العملاء المهتمين بخدماته، خصوصًا في هذا الوقت الذي يتزايد فيه اعتمادنا على التطبيقات والبرامج الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.
فوفقًا لأحد الاستبيانات المنشورة على موقع Statista، يتجاوز متوسط الاستخدام اليومي للإنترنت في المملكة سبع ساعات، وهذا تبعًا لإحصاءات الربع الثالث من عام 2023. وإذا نظرت معي إلى هذه المنصات، بل وحتى إلى العديد من المناطق الحيوية على أرض الواقع، ستجد أن التسويق والإعلان موجودان حولنا في كل مكان، مثل:
ويرجع ذلك الاهتمام الملفت إلى قدرة خطط التسويق والجهود الإعلانية على تعزيز نجاح الشركات باختلاف أحجامها ومجالاتها. ومع أن مصطلحي التسويق والإعلان قد يُستخدمان في بعض الأحيان كأنهما مترادفان؛ غير أن هناك اختلافات بَيّنة بينهما يمكن تبسيطها بما يأتي..
التسويق هو عملية مستمرة تُحَدِد من خلالها احتياجات جمهورك المستهدف وأفضل الطُرق التي تُؤهلك لتلبية هذه المتطلبات. في حين يمكننا تعريف الإعلان على أنه الترويج المدفوع لمنتجات شركتك وخدماتك.
وبالنظر إلى هذه المعطيات، يمكننا الاتفاق على أن مفهوم التسويق أشمل من مفهوم الإعلان؛ فالإعلان جزء من التسويق وهو أحد أهم الأساليب المُتبعة لتعريف العملاء على المنتجات والخدمات التي تُقدمها، وهو يدعم الهدف الرئيسي من المراد تحقيقه من الجهود التسويقية؛ ألا وهو إيضاح منتجك إلى الجمهور وزيادة جاذبيته لتحقيق مزيدٍ من الإيرادات.
وحتى يُحقق الإعلان الدعائي النجاح المنشود، ستحتاج إلى القيام بالعديد من خطوات التسويق، مثل:
ولكن لا ينتهي الفرق بين التسويق والإعلان عند هذا الحد، لأنه يشمل الكثير من التفاصيل التي ستجدها في الأسطر القادمة، لذلك تابع قراءتك بعناية.
كما أشرت بالأعلى، فالتسويق بمفهومه الشامل هو خطوات مستمرة تتخذها في شركتك لإقناع الجمهور بشراء خدماتك أو منتجاتك. وعادةً ما يبدأ الأمر باستهداف الجمهور المهتم بشراء ذلك النوع من الخدمات، ومن ثم توعيته بعلامتك التجارية وقِيّم مؤسستك.
ينتقل المسوقون بعد هذه الخطوة إلى رعاية عملائك المحتملين وتعزيز التواصل معهم عن طريق الحملات التسويقية المتنوعة -سواءً على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية أو بالتسويق التقليديّ- حتى يتمكنوا من تحويل هذا الجمهور المهتم إلى عملاء مستعدين إلى شراء ما تُقدمه.
وإذا نظرت معي إلى هذا المفهوم بتمعنٍ، سيتبيّن لك أن التسويق يُشكِّل تحديًا أمام العديد من الشركات؛ لأن استهداف الجمهور الصحيح واكتساب العملاء والمحافظة على ولائهم عمليات صعبة ومعقدة.
وهذا ما يؤكده المحاضر خالد سليماني في كتابه 84 نصيحة عملية للبدء بمشروع ريادي ناجح بقوله: «إن الوصول إلى العملاء ليس بالأمر السهل، سواءً كنت ستبيع منتجاتك إلى منشأة تجارية B2B، أم إلى المستهلكين مباشرةً B2C، فلكلٍ تحدياته الخاصة».
ولكن في النهاية، تساهم إستراتيجيات التسويق الصحيحة على تحديد أفضل الوسائل التي تُسهِّل عليك خدمة العملاء وتُمَكِنك من إضافة قيمة حقيقية إلى جمهورك تُثير فضوله بشأن منتجاتك وتُحفزه على الشراء.
يُعرّف الإعلان على أنه ممارسة تسويقية تدفع فيها الشركات مقابل الترويج إلى منتجاتها، سواءً من خلال عرض هذه الإعلانات على التلفاز أو مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية أو اللافتات أو حتى حافلات النقل وغيرها من أي وسيلة يمكن الاستفادة منها في الترويج المدفوع.
وتختلف أهداف الإعلان من شركة إلى أخرى؛ فهدف بعض الإعلانات هو زيادة الوعي أو تثقيف الجمهور بمنتجات الشركة، وهناك إعلانات أخرى غرضها الأساسي هو البيع المباشر. ولكن على أية حال، إذا استطعت الاستعانة بخبيرٍ تسويقي محترف، ستتمكن من اكتساب عملاء جُدد وزيادة مبيعاتك.
وفيما يلي توضيح لأهم الأهداف التي تسعى الشركات إلى تحقيقها من الإعلانات:
ومن أهم الأمور التي تُوضح لنا الفرق بين التسويق والإعلان هو أن الإعلانات يمكن النظر إليها على أنها قناة اتصال أحادية الاتجاه مع عملائك؛ أي أنك لن تتمكن من بث رسائل شخصية إلى كل جمهورك، ويتحتم عليك اختيار قالب محدد وطريقة معينة لمخاطبة الجمهور تبعًا لأهداف حملتك الإعلانية.
ولكن الجانب الإيجابي هنا أنك تُسيطر سيطرةً كاملة على إعلاناتك، مما يُهيئ لك المناخ المناسب لإيصال رسائلك وتعزيزها بطريقة مباشرة وشاملة.
تطورت أنواع التسويق بتطور التقنيات المستخدمة في حياتنا اليومية؛ فتقليديًا اعتمدت العديد من الشركات على طباعة منتجاتها والترويج إليها عبر التلفاز والهواتف الجوالة.. إلخ، ولكن مع تطور مواقع التواصل الاجتماعي وتوجه العديد من المستخدمين إلى المواقع الإلكترونية، ظهر مفهوم التسويق الرقمي الذي سَهّل دراسة سلوكيات العملاء والتفاعل معهم بطريقة مُتدفقة وأكثر عُمقًا.
وإذا نظرت معي، سترى أن هناك العديد من أنواع التسويق التي توضح لنا الفرق بين التسويق والإعلان بوضوحٍ تامٍ، وهي على النحو الآتي:
يُقصد به تطبيق إستراتيجيات التسويق على مختلف الأجهزة الإلكترونية، مثل الحواسيب والجوالات. يستفيد التسويق الرقمي من البريد الإلكتروني ومواقع الويب والمدونات ومحركات البحث وما يُعرف بقواعد تهيئة محركات البحث SEO وغيرها من السُبل التي تساهم في الوصول إلى العملاء المحتملين (مثلما نفعل هنا في مدونة سكيلرز؛ إذ نستخدم مدونتنا للوصول إلى العملاء وتقديم المعلومات التي تهمهم).
يُعد هذا النوع جزءًا من التسويق الرقمي الذي يختص بتسويق خدماتك ومنتجاتك من خلال حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، مثل منصات Facebook وX وSnapchat وغيرهم. ويخدمك هذا النوع من التسويق في التعرف على احتياجات العملاء وسلوكياتهم ومدى تقبلهم لخدماتك. ويُعزز أيضًا من نمو علامتك التجارية في أذهان الجمهور، وهذا ما يتفق عليه 96% من المسوقين الذين يثقون في مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق عائدٍ استثماريٍ مُربح.
ويضم التسويق عبر الشبكات الاجتماعية ما يُعرف باسم التسويق عبر المؤثرين Influencers Marketing، والذي تعتمد فيه على مؤثري الشبكات الاجتماعية في الترويج إلى منتجاتك بناءً على شعبيتهم ومجالاتهم.
يُركز هذا النوع من التسويق على بناء علاقاتٍ طويلة الأمد مع العملاء وتقوية الروابط فيما بينكما من خلال تزويدهم بتجارب مُرضيّة وإيجابية مُخصصة وفقًا لمتطلباتهم واحتياجاتهم، والهدف النهائي منه هو خلق قاعدة عملاء مخلصين ومستمرين.
ويتضمن ذلك العديد من الخطوات، مثل:
إلى جانب ذلك، يستعين التسويق العلاقاتي ببرامج الولاء ونظام المكافآت والعروض. ويضم أيضًا التسويق عبر الشبكات الاجتماعية والبريد الإلكتروني؛ إذ تُعد أي مساهمة من شأنها أن تُعزز العلاقات مع العملاء ذات قيمة عُظمى.
يهتم هذا النوع بكيفية طرح العلامة التجارية في السوق وإنشاء رابطة بين العميل والشركة. وحتى يتحقق ذلك بكفاءة. من المهم تقييم المنتجات التي تُقدمها في شركتك، إضافةً إلى تحليل الشعار والتصاميم المستخدمة وتقييم اتجاهات السوق والمنافسين وعلاقاتك مع العملاء الحاليين، إلى جانب الاهتمام بتصميم المنتج والتغليف وغيرها من العناصر الملموسة.
ولكن لا تتوقف إدارة العلامات التجارية عند هذا الحد، بل تشمل أيضًا العناية بالعناصر غير الملموسة، تلك التي يكتسبها العميل من شرائه للمنتج أو تفاعله معه؛ أي الاهتمام بالتجربة الكاملة للعميل بدءًا من خدمة العملاء التي يتلقاها، وانتهاءً برحلة ما بعد الشراء.
يشير هذا المصطلح إلى مجموعة الخطوات التي تتخذها الشركات لتصميم وتطوير وتسويق الخدمات أو المنتجات التي تُقدمها؛ أي يمكننا التعبير عن مفهومها باختصار على أنه رحلة المنتج بأكمله، بدءًا من فكرته المبدئية وانتهاءً بطرحه في السوق إلى الجمهور المستهدف. ويمكن أن يحدث هذا التطوير مع المنتجات الحالية أو الجديدة.
لا تزال شهرة هذا النوع متواضعة بالمقارنة بأنواع التسويق الأخرى التي ذكرتها بالأعلى، إلا أن هناك تزايد ملحوظ في الاهتمام به مؤخرًا؛ إذ يتبنّى مفهوم التسويق الاجتماعي مبادئ الاستدامة؛ فهو لا يهدف إلى إرضاء العملاء فقط، بل يسعى أيضًا إلى دمج الاحتياجات المجتمعية في ثقافة الشركة وعلامتها التجارية.
تطورت الإعلانات جنبًا إلى جنب مع تطور التسويق، لذلك اُستحدثت العديد من الأنواع المختلفة بمرور الزمن تأثرًا بتقدم التقنيات ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى بات من السهل على الشركات استهداف عملائها والوصول إلى شريحة جديدة من العملاء المحتملين في أي مكان حول العالم تقريبًا.
وفيما يلي بعض الأمثلة على أنواع الإعلان:
هناك الكثير من العوامل التي ينبغي مراعاتها في أثناء تطوير الإستراتيجية التسويقية، لذا يتعيّن على المسوقين تحديد ما يأتي:
صاغ أستاذ التسويق في جامعة هارفارد Neil Borden مصطلح المزيج التسويقي Marketing Mix ليُساعد المسوقين على اتخاذ القرارات التسويقية اللازمة بناءً على معايير محددة.
يُقسم المزيج التسويقي إلى إلى أربعة مكونات رئيسية، وتُعرف بالاختصار الشائع في علم التسويق بــ 4Ps، دلالةً على أن كل عنصر يبدأ بكلمة بحرف P بالإنجليزية. وبيان ذلك فيما يلي:
يساعد تلخيص مكونات المزيج التسويقي بهذه الطريقة -الـ4Ps- على فهم إستراتيجيات التسويق بفاعلية وكفاءة. ومع ذلك، فقد توسع بعض الخبراء وأضافوا ثلاثة عناصر أخرى على العناصر الأربعة المذكورة سابقا. وبيان ذلك ما يأتي:
على سبيل المثال، إذا كنت مسؤولًا عن منصة إلكترونية تُقدم دورات تدريبية للموظفين، فقد تشمل الأدلة المادية سهولة تصفح المنصة ومظهرها وكيفية الاشتراك في الدورة التدريبية وطريقة تواصل فريقك مع العملاء ومظهرهم وسلوكياتهم معهم. أما في حالة الفنادق أو المطاعم مثلًا، فقد يكون الدليل المادي هو ديكور المكان وطريقة تصميم الطاولات وراحة الجلوس وكيفية تقديم الطعام ومظهر العاملين بالمكان ومهنيتهم.
ويوضح متخصص التسويق أحمد المسعري عناصر المزيج التسويقيّ السبعة في هذا الفيديو، يمكنك الاطلاع عليه إذا أردت معرفة المزيد من التفاصيل:
تشمل عناصر الإعلانات ما يأتي:
إذًا بعد كل هذا الشرح، ربما تقول لي:«لقد ارتبكت، ما الفرق بين الإعلان والتسويق بصورة مبسطة؟».
والإجابة شديدة الاختصار: الإعلان جزء من التسويق.
ويجب أن تسبق الإعلان العديد من الخطوات التسويقية التي تساعد على تحديد طموحات الجمهور المستهدف واحتياجاته وأعماره واهتماماته واللغات التي يُفضلها وطريقة الإعلان التي ستكون أكثر إقناعًا بالنسبة له.
يهتم التسويق بالوسائط المملوكة والمكتسبة، في حين يهتم الإعلان بالوسائط المدفوعة. وبيان ذلك ما يأتي:
وبفضل هذا التقسيم، من السهل علينا معرفة أن الإعلان يختص بالوسائط المدفوعة فقط، في حين تُستخدم إستراتيجيات التسويق في جميع الوسائط المذكورة على اختلاف نوعها؛ إذ تساعد في تحديد رغبات العملاء واستهدافهم بطريقة صحيحة في الوسائط المدفوعة، وتدلك على نوعية المحتوى المناسب نشره في الوسائط المملوكة، وتُعرفك على كيفية التفاعل مع جمهورك في الوسائط المكتسبة.
تدمج معظم الشركات -إن لم يكن جميعها- إستراتيجيات التسويق والإعلان في آنٍ واحد؛ بهدف تحقيق النمو المطلوب وتعزيز تواصلهم مع العملاء بصورة منتظمة. وهذا هو وضع الشركات الكبيرة التي تُولي ميزانية ضخمة للخطط التسويقية والحملات الإعلانية المتنوعة.
لكن يختلف هذا الحال -نسبيًا- مع الشركات المتوسطة والصغيرة التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الإستراتيجيات التسويقية دون الاهتمام بالإعلانات المدفوعة، إلا في حالات محدودة فقط، مثل: الإعلانات الخاصة بمحركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي والحملات الإعلانية على البريد الإلكتروني.
ويرجع هذا الاختلاف إلى أن العائد من التسويق -خصوصًا للشركات الناشئة- أكبر مما يمكن أن تُحققه الحملات الإعلانية؛ لأنه إذا أنفقت على الإعلان منذ البداية -دون أن تُنشيء خطة تسويق دقيقة ومناسبة لاحتياجات العملاء- فقد تضر بميزانيتك ومظهر علامتك التجارية.
في النهاية، من المهم السعي إلى توظيف أفضل الجهود التسويقية في دراسة متطلبات جمهورك، فكما يقول خالد سليماني ناصحًا رواد الأعمال: «عند عرض المنتج، لا تبع فقط ما تعتقد أنه ذو قيمة من الناحية الفنية لمنتجك، اجعل تركيزك على الحاجة التي تلبيها لعملائك».
وإذا اتبعت هذه الطريقة، ستتمكن من انتهاج أفضل الخطوات التي تُقربك فعلًا إلى جمهورك المهتم وتساعدك على الاستفادة من التسويق والإعلان بغض النظر عن الفرق بينهما.
أما إن كنت تبحث عن أفضل طرق التوظيف الذكي، فاطلع الآن على مزايا منصة سكيلرز التي تساعدك على توظيف خبراء سعوديين يفهمون احتياجات جمهورك ويُمكنهم مساعدتك بأفضل الممارسات التي تُعزز من تواصلك مع العملاء.