يعاني ما يقرب من 56% من المؤسسات من عدم قدرتهم على الاحتفاظ بالموظفين ذوي المهارة. وإذا فكرت معي في نتيجة ذلك، سترى أن الشركات تخسر العديد من الموارد والمجهود في توظيف أشخاص جدد في كل مرة، وقد يدفعهم الوضع في بعض الأحيان إلى توظيف شخصين أو أكثر يؤديان ما قد يقوم به موظف واحد ماهر؛ لذلك فإن بناء نظام استقطاب الكفاءات في شركتك قد يكون هو الحل الأمثل الذي يُجنبك كل هذا.
ولكن أولًا ما هو نظام استقطاب الكفاءات؟ وما الفرق بين الاستقطاب والاختيار والتعيين؟ وما هي معايير الاستقطاب التي يمكن أن تتبعها؟ إجابات هذه الأسئلة وأكثر معي في هذا المقال، لذلك تابع قراءتك بعناية.
يُقصد بنظام استقطاب الكفاءات مجموعة الأساليب والإجراءات التي يمكن أن تتبعها المؤسسات لجذب الأشخاص المهتمين بالتقدم على الوظيفة، ومن ثم انتقاء أمهر المتقدمين وأنسبهم لملء هذا الدور الوظيفي.
والفرق هنا بين الاستقطاب والاختيار والتعيين يعتمد على المرحلة؛ فعندما تُعلن إحدى الشركات احتياجاتها الوظيفية وتحاول الإعلان عن ذلك لجذب الكفاءات، يُسمى ذلك باستقطاب المرشحين المحتملين. ويلي تلك المرحلة عملية الاختيار والتعيين التي تعتمد على تصفية هؤلاء المرشحين والمفاضلة فيما بينهم حتى يتم اختيار الشخص المناسب وتعيينه في الشركة.
ولكن عادةً ما تسبق هذه المراحل عدة خطوات أخرى؛ إذ تُحدد المنظمات في البداية احتياجاتها من القوة العاملة وتُطابقها مع طلبات المديرين والمسؤولين. يُتفق بعد ذلك على عدة مواصفات أساسية يجب أن تتوافر في الموظف الذي سيتم اختياره. وتكتمل تلك الخطوات بعمليات الاستقطاب والاختيار والتعيين كما شرحت بالأعلى.
وعلى أي حال، فالهدف النهائي من نظام استقطاب الكفاءات هو جذب المواهب وأصحاب المهارات، وهو يساعد أيضًا في تحسين سمعة شركتك وإظهارها كعلامة تجارية منفردة يهتم كل شخص محترف بالعمل فيها.
«ركز على أفضل المواهب؛ لأن في الشركات الناشئة لا يوجد الكثير من الأنظمة متعددة الوظائف، ومن ثم فإن الموظفين الأذكياء بالغو الأهمية؛ لأن وجودهم هو الفيصل بين نجاح الشركة أو فشلها». هذا ما يقوله رائد الأعمال «مدثر شيخة» معبرًا عن أهمية نظام استقطاب الكفاءات الذي يحمي أي مؤسسة في بدايتها.
إذ تعتمد معظم -إن لم يكن كل- الشركات الناشئة على مهارات موظفيها، خاصةً أنها لا تمتلك فائضًا من المال أو الموارد البشرية يكفي لتجربة العديد من الاختيارات أو توظيف أشخاص كُثر، ما يُبرهن على ضرورة وجود كفاءات تصلح لقيادة مناصبها؛ لضمان المحافظة على الموارد المحدودة.
ولكن لا تقتصر أهمية هذا النظام على الشركات الناشئة فقط، بل تمتد أيضًا إلى جميع الشركات باختلاف أحجامها؛ إذ تستفيد الشركات الكبرى من وجود نظام مثالي مُصمم لانتقاء أفضل الموظفين ووضعهم في المكان الصحيح؛ ما يُوفِّر الكثير من المجهود والموارد والوقت، ويُعطي لهم وقتًا أطول للتركيز على تطوير منتجاتهم وتحسين خدمة عملائهم، بدلًا من البحث المستمر عن موظفين أكفاء.
كان يبحث الموظفون فيما مضى عن الوظائف الأعلى أجرًا أو تلك التي تُسعدهم وتُرضيهم فقط، ولكن مع الوقت ظهرت العديد من الاحتياجات الأخرى التي تؤثر على عوامل اختيار الوظيفة المناسبة وصاروا يبحثون عن «التجربة المتكاملة»، وهي التي تبدأ منذ لحظة إعلان وظيفتك ولا تنتهي بانتهاء تعيين الموظف، بل تنمو وتزدهر بصفةٍ دورية لتضمن تحسين مهارات الموظفين ودفعهم إلى مستويات أعلى وأعلى.
وهذا ما تؤكده الإحصاءات التي توضح أن ما يقرب من نصف الموظفين السعداء في مناصبهم الحالية يبحثون عن وظيفة جديدة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ أي أن سعادة الموظف وحدها لا تكفي لإقناعه بالاستمرار في الوظيفة، بل يجب أن تتواجد العديد من الأمور الأخرى، مثل:
وبسبب هذه الشروط التي تتزايد كل يوم، يصعب على العديد من مسؤولي التوظيف استقطاب الموظفين المناسبين والمحافطة عليهم، خاصةً إذا اتبعوا طرقًا تقليدية.
يختلف هذا الوضع كثيرًا إذا اعتمد المسؤولون على التوظيف الذكي مستخدمين فيه نظام استقطاب الكفاءات من اللحظة الأولى، ما يجعلهم يتحرّون من خبرة الموظف، وفي الوقت نفسه يتعرفون على احتياجاته. وهذا يساعدهم على اختيار الشخص المناسب ووضعه في المكان الذي يلائمه، وبالتالي المحافظة على أصحاب المهارات لأطول فترة ممكنة.
لنفترض أنك توظِّف الآن في فريقك 10 أشخاص، ورحل منهم شخص واحد أو اثنين. في هذه الحالة، يمكن أن تصبر قليلًا حتى تُعلن عن احتياجك الوظيفي وتنتظر ردود المرشحين وسيرهم الذاتية، ومن ثم تتابع تصفية المرشحين التي قد تستغرق شهورًا؛ حتى تختار الشخص المناسب.
ولكن إذا فكرت معي هنا، سترى أنك في الحالة السابقة تضغط على الموظفين الآخرين وتستهلك طاقتهم؛ مما يؤثر على إنتاجيتهم. ومع ذلك، فهذا لا يُعد أسوأ سيناريو، لأن الحالة الأسوأ هنا هو أن يتركك 4 موظفين مثلًا؛ في هذه الحالة من الصعب جدًا أن يتحمل ما تبقى من الموظفين مهام الموظفين الراحلين.
وسيكون من غير المقبول أيضًا الانتظار لعدة أشهر حتى تأتي بالشخص المناسب؛ مما يؤِّكد على أن عملية التوظيف التقليدية بهذه الطريقة غير عملية حينما تتأزم الأوضاع فجأة، وهذا شيء متوقع جدًا في سوق العمل شديد التغير في وقتنا الحالي.
وهنا تبرز أهمية نظام استقطاب الكفاءات الذي يُسرِّع من عملية التوظيف ويختصرها عليك. أضف إلى ذلك أنه يساعدك على إعداد قائمة بالموظفين المحتملين، مما يمكنك من توظيفهم مباشرةً دون الحاجة للانتظار أو إرهاق ما تبقى من فريقك، ما يجعل التوظيف مستمرًا وديناميكيًا، وهذا أمر مطلوب جدًا في سوق العمل الحالية.
تؤكد رائدة الأعمال «نعمة البسّوني» ذلك بقولها: «ينبغي أن يكون التوظيف عملية مستمرة، بحيث يكون لديك قائمة ممتلئة بالمرشحين المستعدين للعمل لديك وقتما تحتاج لهم؛ مما يغنيك عن القلق بشأن ترك أي فرد من فريق العمل للشركة، والمخاطرة بالتسرع في ضم أشخاص لفريق العمل، أو اختيارهم بشكل عشوائي».
ربما تقول لي الآن: «نعم، فهمت الآن أهمية نظام استقطاب الكفاءات، ولكن كيف أُطبقه فعلًا في شركتي؟».
ولهذا السبب، فقد شرحت لك شرحًا مفصلًا 7 خطوات أساسية تُمكنك من استقطاب الكفاءات بكل سهولة. أنصحك بالاطلاع على المقال إذا أردت أن تعرف المزيد. لكن هنا، دعني أُحدثك قليلًا عن مزايا برنامج استقطاب الكفاءات مثل سكيلرز، الذي يساعدك على اتباع الخطوات العملية التي تجذب فعلًا الأشخاص ذوي المهارات.
ويعرب رائد الأعمال «إدريس الرفاعي» مؤسسة شركة Fetchr بأن اختبار الموظفين قبل تعيينهم هو أفضل طريقة يمكن أن تتبعها الشركات فيما يخص عملية توظيف ذوي المهارة؛ إذ يقول: «يتعين عليك اختبار الأشخاص جيدًا قبل تعيينهم، كما ينبغي عليك معرفة ما إذا كان أي مهندس سينضم إلى شركتك -على سبيل المثال- يستوفي الحد الأدنى من المتطلبات من خلال اختبار فعلي».
إذ لا ينبغي الاعتماد فقط على السير الذاتية للمرشحين؛ لأن خبرة الشخص لا تعني بالضرورة قدرته على تلبية متطلباتك، حتى وإن كان يعمل في أماكن مرموقة، فكما يحكي «إدريس» من تجربته الشخصية: «أول شيء نقوم به هو إجراء اختبار عبر الإنترنت... فكثير من المتقدمين للوظائف لدينا أشخاص متواضعو المستوى، ومنهم من كانوا يعملون في شركات كبرى».
ختامًا وبناءً على هذه المعطيات المذكورة في المقال، من المهم جدًا أن تسعى إلى تغيير نظام التوظيف التقليدي في شركتك، واتخاذ إجراءات أكيدة وفعالة باتباع نظام استقطاب الكفاءات الذي يُمكنك من تحقيق أهدافك بسرعة وبفاعلية، خاصةً في هذا الوقت الذي تتسابق فيه آلاف الشركات على جذب أصحاب المهارات في سوق عمل دائمة التغير كأسواق منطقتنا العربية.
وإلى جانب ذلك، فإن برامج الاستقطاب تعطي صورة احترافية عن مؤسستك وتُعزز من تجربة المرشحين؛ لأنها تُقلل من وقت التشغيل وتُطلعهم أولًا بأول على حالة التقديم. أضف إلى ذلك توفيرها لمزايا كثيرة تُمَكِنك من تحليل الملفات المقدمة وترتيبها؛ مما يجعلك تتخذ قرارات أكثر دقة، لأنها مُدعمة دومًا بالبيانات التي تهمك.