يعد رفع كفاءة الموظفين هدفًا أساسيًا لأي قائد فريق يرغب في تعزيز الإنتاجية. وربما يفكر كثيرٌ من المسؤولين أن تحسين أداء الموظفين قد يتأتى من زيادة رواتبهم أو توفير عطلات أكثر لهم أو تقليل توزيع المهام عليهم.
ومع أن هذه العوامل قد تكون مؤثرة إيجابيًا بالفعل على تنمية قدرات الموظفين وزيادة شغفهم تجاه المهام المطلوبة، إلا أن هناك الكثير من العوامل الأخرى التي ستساعدك فعلًا على رفع كفاءتهم وتحقيق الأهداف التي ترجوها، لذلك تابع معي هنا حتى تتعرف على أهم 10 أفكار تزيد من إنتاجية موظفيك.
في أحد الأسئلة على منصة Reddit العالمية، أعرب أحد مسؤولي الفِرق عن قلقه من ضعف إنتاجية فريقه، لتتوالى له العديد من الإجابات التي تقترح حلولًا فعالة ترفع كفاءة موظفيه، إلا أن إحدى أبرز الإجابات كانت لمديرٍ تزيد خبرته عن 10 سنوات، ركزّ فيها على ضرورة بناء ثقة متبادلة قبل التفكير في أي شيء آخر. وأقتبس من كلامه هنا ناصحًا قادة الفِرق:
«اسعَ إلى كسب ثقة فريقك، هذا هو الأساس. تذكر أن هذه الخطوة تتطلب استمرارية ولا يمكن اختصارها، ولكنها مهمة لتحقيق أقصى استفادة من فريقك. يمكن أن تعقد اجتماعات فردية مع كل عضو في الفريق لمدة 30 دقيقة مثلًا، واجعل 50% من هذه المقابلة مرتكزًا على الجوانب الشخصية لكي تتصل إنسانيًا مع الشخص الآخر.
اسألهم عن عطلاتهم الأسبوعية وكيف يقضونها؟ استمع إلى قصصهم الشخصية وأظهر اهتمامك بتفاصيلها. أما في الجزء المتبقي من المقابلة، فاعرض لهم خطة العمل بكل بساطة وافهم اهتماماتهم».
وإذا نظرنا معًا إلى هذه الخطوات، سترى أنها تحسن فعلًا من الاتصال مع أعضاء فريقك ورؤية اهتماماتهم وشغفهم كأفرادٍ مستقلين؛ مما يُعمِّق العلاقة بينكم ويجعلهم يثقون باهتمامك بهم، وسينعكس ذلك بالتبعية على رفع كفاءة الموظفين؛ لأنهم سيهتمون فعلًا بمساعدتك وكسب ثقتك.
وإذا لم يكن مناسبًا عقد اجتماعات فردية في الوقت الحالي في شركتك، ففكر إذًا في طرق بديلة، مثل: عمل استبيانات دورية ومخصصة لكل عضو تحثه فيها على مشاركة آرائه في العمل ومخاوفه واهتماماته، أو دعوتهم إلى مناسبة عامة أو عشاء جماعي لتقوية التواصل أكثر.
أوضح استبيان قامت به مجلة هارفارد بيزنس ريفيو أن 71% من الموظفين فشلوا في التعرف على إستراتيجية شركاتهم في سؤال متعدد الخيارات. وفي استبيانٍ آخر، بلغت نسبة الموظفين الذين يدركون إستراتيجية شركاتهم ويفهمونها 5% فقط!
تؤكد تلك البيانات أن معظم الموظفين لا يفهمون فعلًا خطط شركاتهم ولا يعوون أهدافها، لذلك من الطبيعي في مثل هذه الحالات أن تجد الكثير منهم لا يبذلون أقصى طاقتهم أو يسعون إلى تحسين أدائهم. وحتى تعكس تلك النتيجة وتنجح في رفع كفاءة الموظفين، أنصحك هنا بإنشاء رؤية واضحة لشركتك، ومشاركتها مع فريقك بصفة دورية، والتأكد أيضًا من فهمهم لعناصرها وكيف يساهم عملهم في تحقيق هذه الرؤية.
وهذا ما يتفق عليه القادة الناجحون. يقول سميح طوقان -مؤسس مجموعة جبَّار للإنترنت ورئيسها التنفيذي، والمدير التنفيذي لموقع مكتوب- في كتاب نهضة الشركات العربية: «إذا كنت تعمل في وظيفة لست شغوفًا أو مقتنعًا بها، فلن تحقق نتائج جيدة».
تتميز كل شركة بثقافة معينة، ربما اهتمامها بالمحافظة على البيئة وتحقيق أقصى استفادة من الموارد الطبيعية دون إهدارها، أو تقديم منتجات معينة تُسهِّل حياة المستهلكين، أو غيرها من مناطق الاهتمام التي تضعها الشركات في حسبانها، المهم هنا أن بناء ثقافة محددة في شركتك سيساعدك تلقائيًا على جذب الموظفين الذين يشاركونك هذه الثقافة.
ومن ثم ستحصل على إنتاجية أعلى وستتمكن من رفع كفاءة الموظفين بسهولة؛ لأنهم في النهاية يؤمنون بما تفعل ومتحمسون له. توضح منى عطايا مؤسسة موقع ممز ورلد Mumz World طريقتها في تحقيق ذلك بقولها:
«نحن نوظف مَن يؤمنون بصناعة الفرصة وعدم انتظار وصولها على طبق من فضة؛ وأولئك الذين تدفعهم حاجتهم لخلق تأثير اجتماعي وتحدوهم الرغبة في ترك أثر مفيد في مجتمعهم. إننا نعين أشخاصًا يؤمنون بأنهم محظوظون؛ فقد وجدت أن الأشخاص الذين يرون أنهم محظوظون وإيجابيون يستطيعون دائمًا إيجاد طرق للتغلب على المشكلات… وبذلك تمكنّا من تأسيس ثقافة مؤسسية متكافئة مع الطاقة الإيجابية والابتكار والتميز».
واستطاعت منى عطايا بذلك المحافظة على بيئة العمل حيوية وديناميكية منذ اليوم الأول حتى جذب موقعها ملايين الأمهات، واستقطبت عدة شركاء تجاوز عددهم 100 شريك.
أكدت منى نهجها المتبع لتحقيق هذا النجاح بقولها:
«ليس المال هو الدافع الوحيد لاستمرار الموظفين في العمل بالمؤسسة، وإنما يعد جزءًا من الدافع، أما الجزء الآخر فهو ثقافة المؤسسة ورؤيتها، فعليك أن تذهب بطموحك بعيدًا جدًا لتستطيع جذب أشخاصٍ مقتنعين برؤيتك، ومتحمسين لغايتك، وعليك أن تواظب على تذكيرهم برؤيتك والأثر الذي تريد أن تُحدثه».
إذا لاحظت أن أداء فريقك لا يتحسن أو أنك لا تستطيع لسببٍ ما عدم رفع كفاء الموظفين، فأنصحك هنا بالتواصل مع أكثر الأشخاص خبرةً في فريقك وأخبره بمخاوفك حول أداء الفريق واقتراحاته التي يراها لتعزيز إنتاجيتهم، يمكن أن تقول له شيئًا مثل:
«مرحبًا عزيزي (اسم الشخص).. آمل أن تكون بخير. أرغب في تحسين كفاءة موظفينا ومهتم فعلًا بإيجاد أي فرص للنجاح في ذلك. ولقد لاحظت أن إنتاجيتك ملفتة للنظر ومميزة جدًا، لذلك هل يمكنك مساعدتي على إعداد خطة لتنمية مهارات الموظفين الآخرين وفهم التحديات التي تقابل الفريق بصورة أعمق؟».
ليس عليك التواصل بهذا الشكل المباشر بكل تأكيد، بل يُفضل أن تستخدم أسلوبًا أكثر اتصالًا وعمقًا، ولكن تذكر أن هذا مثال توضيحي، والفكرة هنا أن تتواصل مع أفضل الموظفين أداءً وتستشيرهم حول التحديات التي يواجهونها وما هي آرائهم التي يمكن أن تعزز من كفاءة باقي الموظفين، خاصةً أنهم يرون تفاصيل داخلية في الفريق قد لا تراها؛ مما يجعل ملاحظاتهم غاية في الأهمية.
حصر علاقتك بالموظفين على أنهم عُمَّال من شأنهم أن يقوموا بمهام معينة في أوقات محددة عادةً ما يضعف إنتاجيتهم ويجعلهم غير مهتمين برفع كفاءتهم. يختلف هذا الأمر حينما تنظر إليهم على أنهم شركاء عمل؛ لأن هذه النظرة توفر مرونة وثقافة مُشجعة على المزيد.
يعد موقع «مكتوب» أول مشروع عربي لخدمة البريد الإلكتروني، ووصل عدد مستخدميه إلى 16 مليون مستخدم قبل أن تشتريه شركة ياهو عام 2009. عانى مسؤولو الموقع في البداية من عجزهم عن رفع كفاءة الموظفين، لذلك وجهوا تفكيرهم إلى شراكتهم عن طريق تقديم خيارات الأسهم، والتي تعد خيارًا ممتازًا لتحفيز الموظفين.
يقول مدير شركة مكتوب سميح طوقان عن هذه التجربة: «لم يفهم موظفونا ذلك في البداية، فشرحنا لهم الفكرة. كان الموظفون في البداية يفضلون الحصول على رواتب أعلى عن خيارات الأسهم».
وذلك لأن الرواتب الأعلى تعنى في النهاية الحصول على نتيجة مضمونة، كما يعد خيار الأسهم غير مفهوم بالنسبة للعديد من الموظفين وصناع القرار. لكن حينما ننظر الآن إلى معظم الشركات الناشئة، سترى أنها تقدم خيارات الأسهم منذ البداية لموظفيها.
وهذا ما يؤكده أيضًا مدثر شيخة أحد مؤسسي شركة «كريم» التي برزت في عالمنا العربي، ونافست شركات توصيل الأفراد العالمية مثل أوبر بقوله: «كنا نقول للمرشح: نحن لا نريدك أن تأتي وتعمل لدينا، نريدك أن تدخل معنا وتصبح شريكًا في العمل. سنقدم لك خيارات أسهم، فهذه شركتك أيضًا، فانضم لنا ودعنا نبني هذه الشركة معًا».
وأتفهم هنا أنه قد لا يناسبك تحفيز الموظفين من خلال مشاركتهم أسهم الشركة، ولكن عادةً ما توجد طريقة فعالة لتأسيس ثقافة الشراكة في مؤسستك، وهذا هو المطلوب. من المهم أن يشعر كل موظف في النهاية بخصوصيته وبأنه يساهم فعليًا في تحسين نتائج العمل. وكلما حقق نتائج إيجابية، حصل على فرصة أفضل. قد تكون هذه الفرصة راتبًا أعلى أو حافزًا ينتظره أو رحلة إلى مكان مميز أو حتى تقليل ساعات العمل في اليوم التالي!
«النصيحة على الملأ فضيحة». ولا يختلف هذا الأمر حينما تتواصل مع الموظفين؛ لأن النقد العلني يعطي رسالة بالهجوم، ويُقلق الموظفين الآخرين؛ فيُحجِّم مشاركتهم وإظهار آرائهم واهتماماتهم، بعكس المدح العلني الذي يؤثر إيجابيًا على تنمية مهارات الموظفين؛ لأنه يُشجع التنافس الصحي ويظهر مدى اهتمامك بالأمور الجيدة التي يقوم بها الفريق.
لذلك في المرة القادمة التي يفعل فيها أحد أعضاء فريقك أمرًا حسنًا، امدحه أمام الفريق واشكره على ما قام به؛ فمن المنطقي أن مدح التصرفات الحسنة سيساهم تلقائيًا في تحفيز الآخرين على القيام بها أيضًا، وبالتالي تعزز من كفاءة الموظفين بطريقة غير مباشرة.
وتجنّب إعطاء تقييمات سلبية أو نقد لأحد الأعضاء أمام الجميع، لأنه سيزيد من التوتر في بيئة العمل ويحفزّ الأشخاص على عدم المشاركة بفاعلية خوفًا من النقد.
لا تتوقع أن يعمل الموظفون بكفاءة إذا لم تكن لديهم خطة عمل ذات أهداف واضحة؛ لأن بيئة العمل غير المنتظمة لا تشجع على الإنتاجية، خاصةً أن جدوى المهام لن يكون واضحًا بما يكفي. لذلك اسعَ دومًا إلى وضع مهام محددة يمكن قياسها والوقوف على نتائجها. ولا تنسَ إخبار الفريق بتوقعاتك عن كيفية إنجاز هذه المهام وما النتيجة النهائية التي تسعى إلى تحقيقها.
وكقاعدة مبدئية، ينبغي أن تجعل أهدافك ذكية، بأن تكون:
لذلك بدلًا من أن تقول للموظفين: «أريد حملة إعلانية مميزة هذا الشهر»، أرفق لهم مزيدًا من التفاصيل والتوقعات، كأن تقول: «أريد حملة إعلانية تشبه حملة شهر 3 ولكن بفكرة أكثر تميزًا. لدينا فقط 3 أسابيع حتى تكون الحملة جاهزة».
إذا اتبعت جميع الخطوات السابقة، ستُحقق نتائج متميزة في رفع كفاءة الموظفين، ولكن دعنا نكن صرحاء، لن تعمل هذه الخطوات إلا إذا كانت مهارات الموظفين تتناسب من البداية مع احتياجاتك.
لنفترض هنا أنك تود القيام بمجموعة من الحملات الإعلانية على منصات التواصل الاجتماعي، ولكن فريقك لا يعرف كيفية الإعلان على السوشيال ميديا، في هذه الحالة لن تُحقق أي نتائج تُذكر. لذلك من الضروري أن تتبع خطة توظيف احترافية من اليوم الأول عن طريق:
يقول مدثر شيخة ناصحًا الشركات الناشئة: «الموظفون الأذكياء بالغو الأهمية؛ لأن وجودهم هو الفيصل بين نجاح الشركة أو فشلها… إذا شعرت أن شخصًا ما سيضيف قيمة إلى مشروعك، فأنت مدين لنفسك ولشركتك الناشئة بمواصلة محاولة ضمه إلى فريقك».
من المقبول تمامًا ألا يعرف الموظفون كل شيء في بداية عملهم، ومن الطبيعي أيضًا أن تظهر الكثير من التفاصيل التي لا يعلمون عنها شيئًا أمام التحديات الجديدة، ومن هنا تظهر أهمية الدورات التدريبية المصممة لتعزيز إنتاجيتهم وتقوية مناطق ضعفهم.
حاول هنا ألا تعتمد على الدورات التدريبية النظرية فقط، بل قرِّب لهم المهارات المطلوبة من الناحية العملية، واختبر مدى فهمهم لمحتوى الدورة باختبارات دورية ونهائية؛ حتى تتأكد من استيعاب كل عضو من أعضاء الفريق لما تحتاجه من مهارات.
وقد نُقسم هنا الدورات التعليمية التي قد يحتاجها الموظفون بغض النظر عن طبيعة المؤسسة إلى ثلاثة أقسام:
لذلك فكر وأنت تُصمم خطة رفع كفاءة الموظفين في تغطية جميع هذه الأقسام؛ حتى تحقق أفضل النتائج. وتذكر ما قاله رجل الأعمال البريطاني ريتشارد برانسون: «درب الموظفين جيدًا بما يكفي حتى يتمكنوا من المغادرة، وعاملهم جيدًا يما يكفي حتى لا يرغبوا في ذلك».
قد يفيدك الروتين في خلق موظفين ملتزمين، ولكنه قد يعوقك في بعض الأحيان عن توفير بيئة مناسبة للازدهار والإبداع، لذلك أنصحك هنا بتزويد الفريق بأكثر من طريقة لتأدية عملهم، مثل: أيام للعمل من المنزل، القدرة على أخذ أكثر من عطلة، أو إعطائهم الحرية لاختيار الأوقات التي يعملون بها.
وإلى جانب ذلك، ينبغي التأكد من توافر ما يأتي:
كيف أرفع كفاءة الموظف أو ما كيفية زيادة الإنتاجية في العمل هي أسئلة مشروعة جدًا لأي صاحب شركة وقائد فريق، وبغض النظر عن السؤال الذي ستسأله، فكل الطرق تؤدي إلى إجابة واحدة يتشعب منها العديد من الأفكار، ألا وهي: «وظف من تتوافق رؤيتهم مع رؤيتك، أشركهم في صناعة القرار، واعرض لهم أكثر من مجرد وظيفة»، وبذلك ستتمكن من رفع كفاءة الموظفين حقًا.