الرئيسية
\
المقالات
\

الدليل العملي والشامل لتدريب الموظفين بكفاءة

بواسطة 
أحمد عبد الوهاب

يقول الكاتب الأمريكي زيغ زيغلر: «الشيء الوحيد الأسوأ من تدريب الموظفين ومن ثم مغادرتك بعدها هو عدم تدريبهم وبقائهم في الشركة». وإذا فكرت جديًّا في هذا الاقتباس، سترى أن إهمال تدريب الموظفين يؤثر على كفاءتهم ويُضعف إنتاجيتك، أضف إلى ذلك أنه يُصدّر صورة عشوائية وغير احترافية عن مؤسستك. 

وبذلك تكون النتيجة النهائية هي مؤسسة لا تُحقق أقصى استفادة من مواردها البشرية ولا يتطور فيها الموظفون. وبناءً على ذلك، من المهم أن تعرف بصفتك قائد فريق أو مديرًا للشركة أهمية الاحتياج التدريبي للموظفين وكيفية إعداد خطة فعالة ومفيدة لتعزيز مهاراتهم وتعليمهم.. والسؤال هنا: من أين تبدأ؟ 

افهم أولًا الفرق بين تدريب الموظفين القدامى والجدد 

من المهم معرفة الفرق بين تدريب الموظف القديم والموظف الجديد في مؤسستك قبل إعداد خطة التدريب؛ إذ يختلف محتوى الدورة التدريبية من موظف لآخر.  

يحتاج الموظفون الجدد إلى التعرف في البداية على سياسات شركتك وثقافة العمل فيها، وكيفية إدارة المهام وآليات المتابعة والتقييم والبروتوكولات اللازمة للتبليغ عن مشكلة أو اقتراح حل. ومن الضروري أن يتعرف الموظف الجديد أيضًا على منتجاتك أو خدماتك التي تقدمها، مُدركًا أهميتها وطرق استخدامها. 

وعلى نقيض ذلك، فالموظف القديم يُدرك كل هذه السياسات ولا يحتاج إلى تعلمها من جديد؛ فهو منغمس فعليًا في ثقافة الشركة. ونتيجةً لذلك، يُركز تدريب الموظفين القدامى على تعزيز مهاراتهم Upskilling أو إعادة تشكيلها Reskilling في حالة تغيير أدوارهم الوظيفية أو نقلهم إلى منصبٍ جديد. 

أنواع تدريب الموظفين 

لعلك لاحظت في الفقرة السابقة استخدامي لمصطلحين متشابهين باللغة الإنجليزية وهما مصطلحي Upskilling وReskilling؛ فما الفرق الحقيقي بينهما؟ ولماذا من المهم معرفته؟ 

يحدث الارتقاء بالمهارات Upskilling حينما يتدرب الموظف في نطاق مهاراته ويُعزز من جودتها؛ ليكون أكثر احترافية في وظيفته. على سبيل المثال، لنفترض أن «حمد» يعمل ممثلًا لخدمة العملاء. وقررت الشركة تطوير مهارات الموظفين وإعطائهم دورة تدريبية عن مهارات التواصل وكيفية إدارة العملاء الغاضبين، بمجرد الانتهاء من هذه الدورة، سيتعرف «حمد» على مهارات أكثر تُمكنه من تأدية دوره الوظيفي الحالي بكفاءة وفعالية أكبر.  

أما إعادة تشكيل المهارات Reskilling، فيتضمن تدريب الموظفين على مهارات جديدة خارج نطاق مهاراتهم الحالية. وقد تكون هذه المهارات مرتبطة بوظيفتهم أو تهدف إلى تأهيلهم إلى وظيفة جديدة بمهام مختلفة تمامًا. 

مثال ذلك عملت «أروى» كصحفية لأكثر من 6 سنوات، وقررت المجلة التي تعمل بها إلغاء جميع منشوراتها الورقية واستبدالها بموقع إلكتروني جديد. لذلك بدلًا من الاستغناء عن «أروى»، قررت الشركة تدريبها في مجال الكتابة الرقمية؛ حتى تكون كاتبة SEO في الموقع الجديد؛ فهي في النهاية تفهم سياسات المجلة عن ظهر قلب وكانت خبيرة بكل خدماتها طوال هذه السنوات. 

وبناءً على ما سبق، يمكننا تلخيص الفرق هنا بين الارتقاء بمهارات الموظفين أو إعادة تشكيلها بتخيل طريق رئيسي. إذا حفزّت الشركة الموظفين على السير قدمًا في مسار خطي، فهذه العملية تُعرف بارتقاء المهارات Upskilling. أما إذا قررت الشركة تغيير هذا المسار، فتعد هذه العملية إعادة تشكيل Reskilling. 

أهمية الارتقاء بالمهارات وتشكيلها

وفهم تلك المصطلحات مهم جدًا لأنه يساعدك على إعداد خطة تدريب للموظفين احترافية تناسب أهدافك شركتك واحتياجاتهم. وسوف تحقق من خلالهما عدة تحسينات، مثل: 

  • رفع كفاءة الموظفين وزيادة مشاركتهم. 
  • جذب المواهب الجديدة.
  • تعاون أفضل وتكامل بين احتياجات العمل والموظفين. 
  • اعتماد أسرع لرؤى العمل الجديدة.

كما يوفر إعادة تشكيل المهارات Reskilling مرونة مطلوبة في بيئة العمل؛ إذ إنها تُجنبك خسارة الكفاءات وتعزز من ثقة الموظفين في مؤسستك لعدم تخليك عنهم. وتؤثر هذه العوامل في النهاية على مضاعفة الإنتاجية وتحقيق النتائج التي تأملها. 

إذًا كيف تنجح في تدريب الموظفين في 7 خطوات فقط؟ 

1. تحديد أهداف خطة تدريب الموظفين 

من المهم إشراك جميع المسؤولين وصناع القرار في هذه الخطة؛ لأن كل شخص منهم لديه رؤية محددة حول آلية تدريب الموظفين والنتائج المتوقعة. وسيكون مفيدًا أيضًا الاستعانة بالموظفين أنفسهم وسؤالهم عن احتياجاتهم التدريبية، سواء من خلال اجتماع رسمي أو مقابلة افتراضية عبر الفيديو أو إرسال استبيان يُعبر فيه كل موظف عن احتياجاته. 

يمكن أن تُضيف أسئلة من هذا القبيل في الاستبيان: 

  • ما أكبر تحدي واجهته في العمل منذ اليوم الأول وحتى الآن؟ كيف تعاملت معه؟ 
  • ما المهارة التي تحتاج إلى تعلمها وترى أنها ستُعزز من كفاءتك؟ 
  • كم الوقت المستغرق الذي أنجزت فيه آخر مهمة أُسندت إليك؟ 
  • هل هناك أي أدوات قد تُسهِّل عليك أداء مهامك لكنك لا تجدها في بيئة العمل؟ 
  • هل هناك أي أدوات قد تُسهِّل عليك أداء مهامك لكنك لا تعرف طريقة استخدامها؟ 

وإلى جانب تلك الأسئلة، اجعل خطة تدريب الموظفين متوافقة مع المرحلة التي يمرون بها؛ فكما أوضحت بالأعلى، تختلف خطط التدريب للموظفين القدامي عن الموظفين الجدد. وعلى أي حال، من الضروري أن تشمل أهداف خطتك التدريبية ما يأتي: 

  • فهم المهارات والآليات التي ينبغي على كل موظف معرفتها وفقًا لمرحلته واحتياجاته. 
  • اكتساب المعرفة الكافية للتعامل مع الأدوات والموارد التي يستخدمها كل موظف. 
  • ربط الموظفين بمشرف يتعلمون منه ويتابع إنجازاتهم ويجيب عن استفساراتهم. 
  • تزويدهم في نهاية الدورة التدريبية بتقييمات مفصلة وواضحة تساعدهم على النمو والتعلم الذاتي. 

2. التركيز على المهارات الناعمة Soft Skills في البداية 

يهتم الكثير من الموظفين بتقوية مهاراتهم التقنية ويغفلون أهمية المهارات الناعمة في بيئة العمل. وهذا أمر ربما نتوارثه من معظم المدارس والجامعات التي تغفل هذه المهارات. وبناءً على ذلك، ربما تجد موظفًا مجتهدًا في عمله ولكنه لا يعرف كيفية قيادة فريقه أو إسناد المهام إليهم. وقد  تجد أن أفراد فريقك يقومون بعمل ممتاز إذا أسندت إلى كل شخص مهمة معينة بمفرده، لكن حينما يتطلب الأمر عملًا جماعيًا، تظهر الخلافات ويستغرقون الكثير من الوقت. 

لذلك من الضروري أن تسعى إلى تدريب الموظفين على المهارات الناعمة لزيادة التناغم في مؤسستك. ومن أمثلة تلك المهارات: 

  • التواصل الفعّال: بهدف مشاركة المعلومات بوضوح والانسجام مع بيئة العمل. 
  • الذكاء العاطفي: أي فهم احتياجات الآخرين ومشاعرهم والقدرة على التعامل معها بذكاء. 
  • العمل الجماعي: يهدف إلى تعزيز التعاون بين أعضاء الفريق؛ فيتمكنوا من العمل بكفاءة على هدف مشترك دون أن يشعر كل فرد منهم بالاستغلال أو عدم التقدير. 
  • إدارة الوقت: ليتمكن الموظفون من تحديد أولويات العمل والانتهاء من المهام المطلوبة في الأوقات المحددة. 
  • القيادة: تهدف إلى تشجيع الآخرين وتحفيزهم، والقدرة على إرشادهم لتحقيق الأهداف المرجوة. 
  • حل المشكلات: أي التعرف على التحديات التي تقابلهم وتحليلها، ومن ثم الوصول إلى حلول مناسبة وفعالة. 

وإضافةً إلى ما سبق، فإن هناك العديد من المهارات الناعمة الأخرى، مثل: المرونة والقدرة على التكيف، والتعامل مع الصراعات، والقدرة على اتخاذ القرارات، ومهارة التفكير الإبداعي التي تهدف إلى توليد أفكار جديدة وحل التحديات من زوايا مختلفة.. إلخ. 

والمطلوب منك هنا تحديد أهم المهارات الناعمة التي يحتاجها الموظفون، ومن ثم عمل دورات تدريبية متوافقة معهم. ولا أنصح هنا بتكثيف محتوى الدورة؛ كأن تُدربهم على جميع هذه المهارات في آنٍ واحد، بل اسعَ إلى تبسيط المحتوى ولا تنتقل إلى مهارة جديدة قبل التأكد من اكتساب فريقك للمهارة السابقة.

على سبيل المثال، يمكن أن تُزود الموظفين بدورة تدريبية عن الذكاء الاجتماعي، وبعد ثلاثة أشهر تنتقل إلى مهارة القيادة وهكذا. وبذلك تُعطي لهم فرصةً أكبر للتدريب، وسيسهل عليك تقييم أدائهم وتحليل نتائج الدورة للاستفادة منها في الدورات القادمة. 

3. تدريب الموظفين من خلال التدريس 

يمكن أن تسعى إلى تدريب موظفيك القدامى بِحَثِّهم على تعليم الموظفين الجدد ونقل خبراتهم إليهم. توفر لك هذه الطريقة فائدتين: أولًا تعريف الموظف الجديد بالمهارات اللازمة، وثانيًا ترسيخ هذه المهارات وتطويرها بطريقة غير مباشرة عند الموظفين القدامى؛ لأنه سيتعين عليهم إيجاد طرق مناسبة لشرح المعلومات والإجابة عن أسئلة الموظفين الجدد، وبذلك سيبحثون أكثر عن المعلومة بأنفسهم. 

وهذا ما تفعله العديد من الشركات الكبرى التي نجحت في تحقيق أهدافها. يؤكد ذلك عمر سدودي -المدير العام السابق لشركة «سوق.كوم»، مصر قبل أن تستحوذ عليها أمازون- في كتاب ستارت أب عربية بقوله: 

«عقدنا شراكة مع مؤسسة تسمى «التعليم من أجل التوظيف»، وصممنا برنامج دراسي مدته ثمانية أسابيع لتعليم خريجي الجامعات التجارة الإلكترونية بالتعاون مع المؤسسة… وكان أفراد فريق سوق هم مَن يُدرسون هذه الدورات. وقد أتاح هذا لفريق سوق فرصة التدريس؛ وأفضل طريقة للتعلم هي التدريس؛ حيث يطرح عليك الناس أسئلة باستمرار، فيكون عليك أن تعود عليهم بإجابات عن تلك الأسئلة». 

ولا يشترط عليك الالتزام بتدريس الموظفين الجدد فقط، بل يمكن أن تُدرس للأشخاص المهتمين بمجال مؤسستك. وإذا وجدت شخصًا مناسبًا منهم، يمكنك توظيفه بعد انتهائه من الدورة التدريبية. ولكن هذه الخطوة قد تشتتك عن التركيز على المهام المطلوبة وبالتالي تُضعِف إنتاجيتك، لذلك أفضل حل هنا أن تستعين بمنصة تُدَرِّس المرشحين المحتملين المهارات اللازمة قبل أن تبدأ في توظيفهم، وهذا ما تفعله منصة سكيلرز ببرامجها التدريبية المصممة لتأهيل المرشحين لسوق العمل. 

4. البدء بخطوات تدريبية بسيطة 

إذا فكرت معي في معدل انتباهنا في الوقت الحالي، سترى أنه يتضاءل تدريجيًا مع الوقت؛ بسبب جدولنا المشغول وكثرة الأشياء التي تشتت انتباهنا ورغبتنا في فعل الكثير من الأمور في آنٍ واحد. ولا يختلف هذا الحال عن حال موظفيك؛ لذلك لا تُثقل عليهم بدورات دسمة المحتوى وطويلة الأمد. 

الأسلوب الأفضل هنا حتى تنجح في تدريب الموظفين لرفع كفاءة الأداء هو البدء بخطوات تعليمية صغيرة، مثل قراءة فصل واحد كل يوم، أو مشاهدة فيديو تعليمي تتراوح مدته إلى 3-5 دقائق، أو حل بعض الأسئلة يوميًا بما يتناسب مع أوقاتهم ومستوى انتباههم. 

تذكر أن الغرض النهائي هو تقديم محتوى تعليمي مفيد في أقصر مدة ممكنة وبطريقة مسلية. وهذا ما تفعله منصات التعليم الذكي في الوقت الحالي، جرِّب مثلًا أن تُسجل في إحدى دورات كورسيرا، ستجد أن محتوى كل دورة مقسم إلى عدة أقسام، ويضم كل قسم فيديوهات قصيرة يتبعها عادةً بعض الأسئلة التي تُقيِّم فهم المشترك للمحتوى المشروح. 

وهذه بعض الأمثلة على الوسائل السريعة والسلسة التي يمكنك اعتمادها لتطوير مهارات الموظفين:

  • الصور التلخيصية. 
  • الاختبارات الدورية. 
  • التسجيلات الصوتية التعليمية (البودكاست). 
  • الملخصات والكتيبات. 
  • الألعاب التعليمية التي قد تتضمن تحديًا واحدًا في كل مرة. 
  • الفيديوهات القصيرة (مثل فيديوهات ريلز وتيك توك وغيرها). وهذا ما يعتمد عليه كثير من المدربين؛ فوفقًا لاستبيان شاركت فيه 2000 شركة، أوضح  74% من المدربين المسؤولين عن تدريب الموظفين أنهم يعتمدون على الفيديوهات لشرح المعلومات المطلوبة. 

5- تزويد الموظفين بدورات تدريبية رقمية 

توفر الدورات التدريبية على أرض الواقع تفاعلًا مطلوبًا، كما تعزز من قدرة الفريق على التواصل معًا. ومع ذلك، فإن الاعتماد على تدريب الموظفين من خلالها لا يوفر المرونة اللازمة لازدهار بيئة العمل في مؤسستك. وبناءً على ذلك، أُوصي هنا بالاستعانة أيضًا بالدورات الرقمية التي يمكن أن يصل إليها الموظفون بكل سهولة وفي أي مكان. 

مما يسمح لهم بالتحكم في تجربة التعلم وتنسيق محتوى الدورة ووتيرتها بما يتناسب مع جدول أعمالهم وظروفهم. ويتفق مع ذلك دارين شيمكوس Darren Shimkus الرئيس السابق لشركة «يودمي للأعمال» بقوله: 

«يوفر التعلم عبر الإنترنت بيئة مرنة لا تضغط على الدارسين؛ مما يُشجعهم على تحقيق نجاح أكبر… ولقد رأينا في Udemy أن الطلاب يضيفون محتوى الدورة التدريبية على أجهزتهم المحمولة لاستخدامها في أثناء التنقل».

ثم يُتبع ذلك بقوله: «وبناء على ما سبق، من الضروري أن تدمج المؤسسات الدورات التدريبية الرقمية في برامج التعلم والتطوير الحالية التي تتبعها». 

وقد تقول لي هنا: «نعم، الدورات الرقمية مفيدة فعلًا، ولكن قد يتكاسل أو يُسوِّف العاملون إتمام الدورة مما يجعلنا لا نحقق النتائج المرجوة من خطة تدريب الموظفين». 

وبصراحة أنا أتفق معك في هذه النقطة، لأن الدورات الرقمية قد لا تكون مُلزِمة كما هو الحال في التدريب على أرض الواقع، وحتى تتجنب هذا العيب وتستفيد من مزايا الدورات الرقمية، أنصحك بما يأتي: 

  • لا تجعل الموظفين يدرسون بمفردهم، بل قَسِمهم إلى فرق مكونة من فردين أو ثلاثة، واجعلهم يتابعون عملية التعلم معًا. 
  • حدد مخرجات نهائية من الدورة واطلب منهم عمل مشروع مبدئي بعد الانتهاء منها. 
  • حفزّهم ببعض المزايا أو الهدايا التي سيحصلون عليها إذا أنهوا الدورة التدريبية في وقتها المحدد أو قبل الوقت المطلوب. 
  • تابع معهم من حينٍ لآخر الإنجازات التي حققوها. 
  • اعقد مقابلات افتراضية أو واقعية لمناقشة عملية التعلم ولتلقي أي أسئلة بخصوص محتوى الدورة. 

6. الاعتماد على التطبيق 

يقول بينجامين فرانكلين أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية: «أخبرني وسأنسى، علمنّي وربما أتذكر، دعني أشارك وعندها سأتعلم». تبين هذه المقولة أهمية تطبيق المهارات التي سيتعلمها الموظفون، فمهما كانت جودة الدورات التدريبية أو كفاءة خطتك، فهذا لا يغني أبدًا عن تطبيق المهارات ومحاولة تنفيذها على أرض الواقع. 

إذ إن التجارب التطبيقية تزيد من معدل تفاعل المتدربين بنسبة 48%؛ مما يعزز من استفادتهم وينقلهم إلى مستوى آخر من الفهم والاحترافية. وتشير إحدى الإحصاءات إلى أن التجارب الملموسة مسؤولة عن  70% من عملية التعلم. 

لذلك تجنب إنهاك الموظفين في الدروس النظرية أو الدورات التدريبية دون أن توفر لهم فرصًا حقيقية لتجربة ما درسوه، وإشراكهم في تطبيق المحتوى التدريبي من اليوم الأول لضمان الاستفادة القصوى.

على سبيل المثال، إذا كنت تقدم لفريقك دورات تدريبية حول التسويق الرقمي على الشبكات الاجتماعية، إياك والاكتفاء بشرح طرق التسويق وفقط، بل ادمجهم في عملية التعلم واطلب من كل فردٍ منهم إنشاء حملة إعلانية على كل منصة مستهدفة ومشاركة هذه الحملة مع باقي أعضاء الفريق للاطلاع على آرائهم وتحليلها. 

وبذلك تستفيد من تدريب الموظفين بطريقة تطبيقية، وكذلك تشجع العمل الجماعي وثقافة الحصول على تقييمات فعالة وقبولها. يؤدي كل هذا في النهاية إلى تحسين كفاءة الموظفين وتسريع وتيرة العمل والتأكد من فهم الموظف للمحتويات المقدمة. 

7. الاحتفاظ ببيانات التدريب ونتائجه  

من المهم بعد تدريب الموظفين أن تجمع آرائهم وتقييماتهم حول الدورات التي شاركوا فيها؛ لأن هذه البيانات ستفيدك في معرفة جوانب القوة والضعف في الدورة التدريبية التي قدمتها. وقد تحصل على هذه الآراء إما من خلال مقابلة شخصية مع كل موظف أو عمل استبيان. 

وهنا أنصحك بالاعتماد على المقابلات الشخصية؛ لأنها تزودك بتقييم مباشر وتتميز بمعدل استجابة أعلى من الاستبيانات، التي قد يملؤها الموظفون سريعًا. ولكن بغض النظر عن الطريقة التي ستتبعها، من المفيد أن تعرف إجابات هذه الأسئلة من موظفيك:

  • هل أفادتك الدورة التدريبية؟ 
  • ما نقاط القوة التي تراها في هذه الدورة ومن المفيد وجودها في الدورات القادمة؟ 
  • هل كانت الدورة مخصصة وفقًا لاحتياجاتك؟
  • ما مناطق الضعف التي وجدتها في المحتوى؟ 
  • ما تقييمك لأداء المدرب الخاص بك؟ 
  • هل كانت متابعة التدريب كافية؟ 
  • هل كان وقت الدورة التدريبية كافيًا لاستيعاب المحتوى؟ 
  • ما مصادر التعلم الأخرى التي تود الحصول عليها؟ 
  • ما المهارات الأخرى التي ترغب في تعلمها؟ 

بعد ذلك، يفضل أن تشارك مع المتدربين بعض المصادر الإضافية التي يمكنهم الاطلاع عليها والرجوع إليها حينما يرغبون في مراجعة محتوى الدورة التدريبية أو معرفة  المزيد، مثل مشاركتهم كتب أو مراجع، أو الفيديوهات الدورة المسجلة إن وُجدت، أو اشتراك مخصص لهم في مواقع تدريبية. 

تبنى ثقافة تدريبية منفتحة على الأخطاء والتعلم منها 

مهما كانت كفاءة خطة تدريب الموظفين التي ستتبعها، فستقابل حتمًا الكثير من الأخطاء التي سيرتكبها الموظفون. ولكن تذكر: الأخطاء جزء أساسي من عملية التعلم، وربما نحن نتعلم من أخطائنا أكثر مما نتعلم من الأشياء التي نفعلها بطريقة صحيحة من أول مرة. 

يتفق مع هذا رئيس مكتبة ويكيبديا جيك أورلوويتز Jake Orlowitz الذي يرى أن تدريب الموظفين يجب أن يتم بروح مرحة تُشجع العاملين على ارتكاب الأخطاء وتسمح ببعض الفشل. وينظر إلى التدريب على أنه لعبة «تجعل الناس غير خائفين من الفشل، وواثقين من تجربة أشياء جديدة. إن اللعب هو الذي يساعدنا على القيام بالأشياء الجادة بشكل أفضل؛ لأننا نستمتع به ويشعرنا بالفرح من إنجازاتنا». 

إضافةً إلى ذلك، فهذه بعض الأسباب التي تحثك على التساهل مع الأخطاء في بداية التدريب:

  • فهم الاحتياج التدريبي للموظفين. 
  • تمكين العاملين من تجربة الأساليب الجديدة دون الخوف من المعاقبة أو الانتقاد. 
  • زيادة ثقة الموظفين بمؤسستك؛ لأنك تسمح لهم بالتجربة والخطأ. 
  • تعزيز إمكانات العاملين من خلال حصولهم على معرفة كافية وتقييمات مخصصة وفقًا لما فشلوا في تحقيقه. 

تذكر أن الأسوأ من ارتكاب أخطاء هو تجنب المشاركة والمحاولة، مما ينتج عنه بيئة عمل غير آمنة للتعبير عن الآراء وتجربة وسائل جديدة. لذلك كن منفتحًا ومتقبلًا من اليوم الأول لوجود بعض الأخطاء وتواجد نسبة من الفشل، التي ستقل يومًا بيوم كلما تفهمت احتياجات الموظفين وساعدتهم على التجربة. 

الملخص: كيف يتم تدريب وتطوير الموظفين؟

  • حدد أهداف خطة التدريب التي تريدها. 
  • اسعَ إلى تحديد الاحتياجات التدريبية للموظفين.
  • انتقِ المحتوى التدريبي المناسب. 
  • ادمج الدورات التدريبية على أرض الواقع بالدورات الرقمية. 
  • حدد وقتًا نهائيًا للدورة وموعدًا للنموذج التطبيقي. 
  • احصر الأدوات التي ستحتاجها لتنفيذ خطتك التدريبية (مثل قاعة للمؤتمرات أو تطبيق رقمي معين مثل زوم.. إلخ). 
  • احسب ميزانية التدريب ومدى تناسبها معك. 
  • تعاون مع مسؤول تدريب محترف. 
  • قَسِّم فريقك إلى فِرق أصغر؛ حتى تُسهل عملية المتابعة وتعزز من ثقافة العمل الجماعي.
  • اختر وسائل مناسبة لتقييم نتائج الدورة وتحليل أداء الموظفين بعدها. 
  • شجع الموظفين على ترك ملاحظاتهم وآرائهم. 

تذكر: بإمكانك حذف أي عنصر من العناصر المذكورة أو إضافة المزيد وفقًا لأهداف التدريب المرجوة. 

أخيرًا: ما أهمية تدريب وتطوير الموظفين؟

إذا اتبعت ما ذكرته هنا، فلن تلاحظ أثر التدريب في رفع كفاءة أداء العاملين فقط، بل إنك ستحتفظ بموظفيك لمدةٍ أطول، وهذا بسبب أن 40% من الموظفين الذين لا يتلقون التدريب الوظيفي اللازم سيتركون وظائفهم خلال السنة الأولى.

ولا تقتصر أهمية التدريب للموظف الجديد، بل إن الموظفين القدامى بغض النظر عن مناصبهم يرغبون في تلقي دورات تدريبية متنوعة من حينٍ لآخر. وهذا ما يؤكده استطلاع أجرته إحدى الشركات في المملكة المتحدة، اتفق فيه ما يقرب من ثلثي الموظفين  على أن التدريب الوظيفي يجب أن يستمر طوال حياتهم المهنية دون النظر إلى أقدميتهم.  

وإضافةً إلى الاحتفاظ بالموظفين وتعزيز مهاراتهم، فأنت تساعد في تحسين معنوياتهم ومشاعرهم تجاه العمل؛ لأن الموظف حينما يجدك تُدربه وتطور من مهاراته بصورة مستمرة، سيشعر بإنجازه وبأنه قادر على الوفاء بالتزامات العمل بكفاءة، مما يقربه من تحقيق إمكاناته الكاملة والاستفادة من مواهبه. 

بعكس بيئة العمل التي لا تُطور من مهارات موظفيها، فوفقًا لإحدى الإحصاءات التي أجريت على أكثر من 4300 عامل، شعر 74% منهم بالتقصير وبأنهم لا يحققون أقصى استفادة من إمكاناتهم بسبب غياب الفرص التدريبية في وظيفتهم الحالية. 

في النهاية يمكن القول بأن الهدف من الدورات التدريبية للموظفين هي زيادة إنتاجيتهم التي تنعكس انعكاسًا مباشرًا على أرباح المؤسسة. وهذا ما تؤكده إحدى الدراسات التي وجدت أن المنظمات التي تجيد تدريب الموظفين تحقق هامش ربح أعلى بنسبة 24% مقارنةً بالشركات التي لا تُدرب موظفيها.

على أي حال، دعنا نتفق على أن طرق تدريب الموظفين كثيرة ومتشعبة ولا تقتصر فقط على الخطوات المذكورة هنا، ولكن في النهاية من المفيد أن تبدأ في تدريب فريقك من اليوم الأول وأن تسمح بوجود منطقة آمنة للأخطاء والنقد البناء.

أما إذا كنت تنتظر أن يتطور فريقك من تلقاء نفسه، فيؤسفني القول أن هذا لا يحدث؛ لأنه كما قالت سيدة أمريكا الأولى أبيجيل آدامز: «التعلم لا يأتي صدفة؛ بل يجب البحث عنه بحماسة والعناية به باجتهاد».