يدخل الجيل Z إلى سوق العمل بمهارات تكنولوجية بالغة الأهمية، في وقت يُحدث فيه الذكاء الاصطناعي ثورة وتغيرات كبيرة، يُظهر Z أيضًا الإبداع والقدرة على التكيف والشمولية وروح التعاون التي تحتاجها المؤسسات في العصر الحديث؛ إنهم أولئك الذين اعتادت أعينهم منذ الطفولة على تقنياتٍ وعوالمَ كانت تعتبرها الأجيال السابقة خيالا علميّا، أولئك الذين كبروا مع ثورة الإنترنت والأجهزة الذكية والشاشات التي تعمل باللمس!
والآن، في سوق العمل الذي يُهيمِن على مجملِهِ أبناء أجيال X (المعروف بجيل الطفرة)، والجيل Y (المعروف أيضًا بجيل الألفية)، ما الذي يمكن أن يمثله اقتراب الجيل Z من تحديات وتغيرات في سوق العمل؟
لنكتشف ذلك في هذا المقال!
يضم الجيل Z مواليد ما بين عامي 1997 و2012، بما يعني أن الدفعات الخمس الأولى من هذا الجيل -على أقرب تقدير- قد تخرجت بالفعل أو على أهبة التخرج، وأنهم قد بدأوا يتواجدون بالفعل في سوق العمل، ويؤثرون بالفعل على طريقة التوظيف والتعيين. لذا فإن التعامل الجيد مع الخصائص الفريدة لهذا الجيل قد يعني النجاح في استقطاب واستبقاء أكبر عدد منهم.
يوصف هذا الجيل بأنه يمثل أول من ولدوا كمواطنين رقميين، ويتسم أبناء هذا الجيل بأنهم يعيشون بوتيرة أبطأ من سابقيهم عندما كانوا في الأعمار نفسها، كما أن مراهقي هذا الجيل أكثر اهتمامًا بالتأسيس المهني المبكر والتحصيل العلمي المؤهل لسوق العمل، كما أنهم أكثر نهمًا لاكتساب المعرفة عن طريق المصادر الرقمية.
’’
المواطنون الرقميون معتادون على تلقي المعلومات بسرعة . إنهم يحبون العمل على التوازي وتعدد المهام، يفضلون المحتوى الرسومي عن النصي، ويميلون إلى الوصول العشوائي عن طريق الروابط النصية
‘‘
- مارك برينسكي
يتسم أبناء هذا الجيل كذلك بالنزوع للاستقلالية، والاعتداد بقيمهم الخاصة، وإعطاء أولوية لرفاهيتهم، إلى جانب أنهم أكثر وعيًا واهتمامًا بقيم الحرية والمساواة وحقوق الإنسان.
من ناحية أخرى فإن هذا الجيل أكثر ميلاً للعزلة، وأقل انخراطًا في الأنشطة الجماعية، مما يعد من ضمن الآثار النفسية السلبية للتعرض المفرط للشاشات الإلكترونية.
بالإضافة إلى ذلك يتسم أبناء الجيل Z بعدد من الخصائص المهمة في سوق العمل مثل: البراعة التقنية، المرونة والقابلية للتكيف، النزوع لريادة الأعمال، الإبداعية، إضافة إلى قدرة أكبر على أداء المهام المتعددة في وقت واحد.
تعتبر العلوم والرعاية الصحية، علم النفس، والعلوم الاجتماعية من التخصصات الجامعية الأكثر شعبية في الجيل Z، بينما يزداد التفضيل للهندسة مقارنة بمثيله في الأجيال السابقة حيث تضاعف عدد التخصصات الهندسية بين الجيل X والجيل Z.
القطاعات الأكثر تفضيلاً للجيل Z هي: الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والتعليم والخدمات المهنية والتجارية. من المرجح أن تكون رغبة الجيل Z في العمل الحكومي أقل من الأجيال السابقة.
تعتبر المهن المتخصصة في الفنون والتصميم والإعلام أكثر جاذبية للجيل Z، حيث يزداد معدل تفضيلها ثلاثة أضعاف الجيلين السابقين X وY. وبالرغم من أن الجيل Z أقل تفضيلاً لدراسة إدارة الأعمال كتخصص جامعي، فإنهم يختارون مهن المبيعات بمعدل ضعفي الجيل X وجيل الألفية (Y).
يتخذ أبناء الجيل Z قرارات قبول الوظائف بناء على معايير: الراتب، والتوازن بين العمل والحياة، وواجبات الوظيفة التي سيعملون عليها.
يتوقع الجيل Z ثلاثة مزايا وظيفية رئيسية: التأمين الصحي، والإجازات المدفوعة، ومكافأة نهاية الخدمة.
’’
لسنا مستعدين للتنازل عن رؤيتنا المهنية لتتناسب مع نمط العمل الذي لا يناسبنا
‘‘
– ماديسون فيتوج، مسؤول توظيف أول- لينكد إن
قد يبدو لك الأمر صعبًا، لكنه بالتأكيد ليس مستحيلاً. يحتاج مسؤولو التوظيف لتوقع إجراء تعديلات على آليات التوظيف، تشبه تلك التي تم إجراؤها لاستقطاب أبناء جيل الألفية. فيما يلي نستعرض أهم الاستراتيجيات لاستقطاب أبناء الجيل Z.
يتقدم النمو الوظيفي على المزايا الأخرى التي يحصل عليها الموظفون بالنسبة للجيل Z، مما يميزهم عن الأجيال الأكبر سنًا. وجد استطلاع أجرته LinkedIn أن 40% من مرشحي الجيل Z سيكونون على استعداد لتغيير وظائفهم وقبول فرص برواتب تقل بنسبة 2% إلى 5% عن السابق مقابل الحصول على فرصة أكبر للنمو الوظيفي. كما أن الجيل Z أكثر قابلية (بنسبة 47%) من الجيل X في إعطاء الأولوية لفرص التقدم داخل نفس الشركة وأكثر تفضيلًا (بنسبة 45%) لإعطاء الأولوية لفرص تمكنهم من تطوير مهارات جديدة.
في ضوء ما تقدم، فإن الاستثمار في النمو الوظيفي للموظفين يساعد على جذب العاملين من الجيل Z والاحتفاظ بهم. تعرف على الأهداف المهنية لموظفيك من الجيل Z، وقم بتخطيط مسارات وظيفية وفرص تطوير لهم. قدم لهم الإرشاد، وفرص الترقي الوظيفي عندما يحين ذلك. يمكن أن تساعدك هذه الممارسات في بناء علامة تجارية لمنشأتك يتسابق عليها الباحثون عن عمل من الجيل Z.
الجيل Z هو الأكثر احتمالاً لترك العمل - أو التفكير فيه- بالمنشآت التي لا تقدم سياسة عمل مرنة (وفقًا لما ذهبت إليه آراء 72% من الجيل Z مقارنة بـ 69% من جيل الألفية، و53% من الجيل X، و59% من جيل الطفرة السكانية). علاوة على ذلك، فإن 32% من العاملين من الجيل Z سيكونون على استعداد لتخفيض رواتبهم بنسبة 2% إلى 5% مقابل جدول عمل هجين، بينما سيقبل 38% تخفيض رواتبهم لتحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة.
يمكنك جذب مواهب الجيل Z والاحتفاظ بها من خلال تقديم خيارات عمل مرنة مثل العمل عن بعد، وساعات عمل مرنة. إن تمكين أعضاء فريقك من اختيار متى وأين يعملون يمكن أن يشجع على تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة، فضلاً عن زيادة الإنتاجية والإبداع.
الأجور والتعويضات ليست دائمًا الاعتبار الأكثر أهمية عند تقييم فرص العمل، ولكنها تظل مهمة للغاية. ومن المرجح أن يشعر عمال الجيل Z بأنهم يتقاضون أجوراً منخفضة: يعتقد أكثر من النصف (57٪) أنهم يكسبون أقل مما يستحقون.
يمكن أن تساعدك التعويضات التنافسية على جذب الجيل الأصغر من الموظفين طالما يتم تلبية احتياجاتهم الأخرى. عند استطلاع المزايا التي يرغب الموظفون في أن يركز عليها أصحاب العمل: صنف 44% من الموظفين مزايا التقاعد و39% صنفوا ترتيبات العمل المرنة كأولويات قصوى. كانت هذه النتائج متسقة عبر جميع الأجيال، على الرغم من أن موظفي الجيل Z صنفوا إدارة الصحة النفسية ضمن أهم ثلاث اهتمامات لديهم.
لا يتمتع الجيل Z بخبرة عمل كبيرة مثل الأجيال الأكبر سنًا، لكنهم يعوضون ذلك برغبة قوية في تعلم مهارات جديدة. يَعتقد أكثر من ثلاثة أرباع (76%) موظفي الجيل Z أن التعلم هو المفتاح لحياة مهنية ناجحة، ويقضون وقتًا أطول بنسبة 12% في التعلم لاكتساب المهارات الأكثر تعقيدًا مقارنة بالمتعلم العادي.
إن تقييم المرشحين بناءً على مهاراتهم (بدلاً من خبرات العمل السابقة أو المؤهل الدراسي) يفتح الباب أمام المزيد من العاملين من الجيل Z. في الواقع، يؤدي التوظيف على أساس المهارات إلى زيادة مجموعات المرشحين للعاملين من الجيل Z بأكثر من 10 أضعاف. يضاف إلى ذلك أن أصحاب العمل الذين يجدون المواهب باستخدام المهارات يكونون أقدر بنسبة 60% على إجراء عملية توظيف ناجحة من أولئك الذين لا يعتمدون على المهارات كجزء من عملية التوظيف الخاصة بهم.
يسعى الجيل Z لما هو أكثر من مجرد وظيفة، فهم يريدون العثور على الفرص التي تدعم أهدافهم وشغفهم. على سبيل المثال، قد يترك 80% من الجيل Z وظائفهم سعياً إلى توافق أفضل مع قيمهم. ويقول 74% منهم أنه من المهم بالنسبة لهم العمل في شركة تتوافق سياساتها وممارساتها مع معتقداتهم الشخصية.
من الضروري أن تساعد المرشحين على فهم قيم منشأتك والأشياء التي تجعل ثقافتك فريدة من نوعها. على سبيل المثال، هل تعتز منشأتك بوجود ثقافة ردود الفعل والتقدير؟ هل تولي منشأتك اهتمامًا بالاستدامة والإدارة الصديقة للبيئة؟ هل يعمل فريقك لتعزيز قضية اجتماعية أو تقديم منفعة عامة؟ يمكن أن يكون عرض أي من هذه الالتزامات طريقة مقنعة لجذب المرشحين من الجيل Z، إذا كانوا يمثلون انعكاسًا صادقًا لقيم منشأتك.
بخلاف الموظفين من جيل الألفية، الذين عاصروا الكساد الكبير، فإن الباحثين عن عمل من الجيل Z لديهم مجموعة من التوقعات الخاصة بهم حول الشكل الذي يجب أن يبدو عليه مكان العمل. إنهم يعرفون قيمتهم، ومستعدون للتفاوض، وأكثر استعدادًا لتعلم مهارات جديدة من أي جيل سابق. فكيف تؤثر هذه الاختلافات بين الأجيال على المديرين؟
فيما يلي سنخبرك بما يحتاج المدراء وفريق الموارد البشرية لمعرفته بهذا الصدد.
تشير الأبحاث الحديثة إلى أنه على الرغم من وجود اختلافات بين الأجيال، إلا أن بعض القيم المشتركة تصمد أمام اختبار الزمن. يرغب جميع الموظفين أن يكون قادتهم جديرين بالثقة، وأن يُعاملوا بإنصاف واحترام، وأن يتعلموا ويتطوروا ويصنعوا اختلافًا، وأن يتلقوا ردود الفعل والتوجيه، وأن يتم تقديرهم والاعتراف بهم، وأن يتمتعوا بالأمان المالي والصحة الجيدة.
يكمن الاختلاف في كيفية تعريف كل جيل لهذه القيم المشتركة وكيفية تنفيذها. عندما يتعلق الأمر بالجيل Z، إليك ما تحتاج إلى معرفته حول تعظيم مشاركة الموظفين:
كل جيل يريد ذلك، ولكن بينما كان هناك جيل يكتفي التقييم السنوي، تسعى الأجيال اللاحقة إلى المزيد من المراجعات الدورية، بينما يحتاج الجيل Z إلى تدريب وملاحظات مستمرة ومتتابعة.
لم يعد التنوع في مكان العمل مفهومًا جديدًا، لكن الجيل Z هم الجيل الأول الذي حدد الشخصية باعتبارها العنصر الأكثر أهمية للتنوع في مكان العمل. إن تعريفهم الشامل للتنوع يتطلب احترام الفرد بكل مكوناته، بدءًا من السمات الفطرية مثل الجنس والعرق، إلى السمات المكتسبة مثل الشخصية والتعليم والخلفية الاجتماعية والاقتصادية وما إلى ذلك.
يتوقع الجيل Z من أصحاب العمل أن يقولوا ما يعنونه، وأن يعنوا ما يقولون. على سبيل المثال: يمكن لصاحب العمل أن يدعي أنه يقدر التنوع والشمول، ولكن إذا لم يكن هناك دليل على ذلك، فإن الباحثين عن عمل من الجيل Z سوف ينتقلون إلى فرصة أخرى.
وعلى الرغم من تمتعهم بالذكاء التكنولوجي، إلا أن موظفي الجيل Z ما زالوا يقدرون التواصل وجهًا لوجه. في الواقع، يعد هذا أحد أهم العوامل عند بناء العلاقات مع مسؤولي التوظيف.
أنت بصدد إدارة الجيل Z وإشراكهم وتحفيزهم والاحتفاظ بهم من خلال خلق تجربة استثنائية للموظفين. قد تشمل بعض المجالات التي ينبغي لمسئولي الموارد البشرية التركيز عليها ما يلي:
على الرغم من أن الاستثمار في تسويق التوظيف وتقديم موارد التوظيف عبر الإنترنت يعد وسيلة جيدة لإعداد الموظفين الجدد، إلا أنه لا يكفي لضمان تأقلمهم بشكل كامل مع ثقافة منشأتك في اللحظة التي يدخلون فيها إلى الباب. كن مستعدًا بنموذج متابعة تهيئة للموظفين الجدد، وخَطِّط للعديد من فرص المشاركة الاجتماعية.
(اقرأ المزيد عن أفضل الممارسات لتهيئة الموظفين الجدد: هنا)
يفضل موظفو الجيل Z البريد الإلكتروني والرسائل النصية ووسائل التواصل الاجتماعي للتواصل اليومي، ويستخدمون العديد من القنوات لاستيعاب الكثير من المحتوى بسرعة. ربما حان الوقت لتوسيع القنوات التي تستخدمها للوصول إلى الموظفين والاستعانة بتطبيقات إدارة وتنظيم فرق العمل، مثل Slack وNotion، بالإضافة إلى الشبكات الاجتماعية المهنية.
يمكن تعريف الجيل Z بأنه جيل يواصل التعلم مدى الحياة، وهو أمر جيد لأن أصحاب العمل يحددون بالفعل الفرص المتاحة لتطوير مهاراتهم الشخصية. يجد الجيل Z التحفيز في توافر برامج التدريب والتطوير المهني، ويبحثون عن فرص للتقدم المستقبلي داخل المنشأة.
لا يتجاوب الجيل Z مع الإدارة الدقيقة Micromanagement، إنهم يسعون إلى التدريب المستمر وتلقي ردود الفعل، بالإضافة إلى التنقل الداخلي. إنه الوقت المناسب لتفعيل سياسة 'الترقية من الداخل' وتحديد الأنظمة والإجراءات لدعم التنقل الداخلي لتجنب المخاطرة بفقدان المواهب لصالح منشآت أخرى.
لا تتوقع أن هذا الجيل سوف يقبل ببساطة ما يعرض عليه، إنهم يعرفون قيمة ذواتهم ومستعدون للنضال من أجلها. تعرف على مزايا الموظفين الأكثر جاذبية للجيل Z، وقم بموازنة حزمة المكافآت الخاصة بك مع مزيج من الامتيازات التقليدية (الطبية والمالية)، والمساعدة في المنح الدراسية، والمزايا الصحية وسياسات المكافآت الجاذبة.
يدرك الجيل Z أنه في عالم اليوم المتصل بالإنترنت، لا يتوقف العمل بالضرورة في اللحظة التي تخرج فيها من الباب في نهاية الدوام. وبدلاً من ذلك، يبحثون عن المرونة في مكان العمل التي تسمح لهم بأخذ إجازة عندما يحتاجون إليها، والاستفادة من فرص العمل عن بعد، والاستمتاع بثقافة 'التوقف عند الضرورة'.
بعد عقود من التركيز في المقام الأول على الإنتاجية والأرباح، ازدادت الحاجة لاستخدام المزيد من الممارسات 'التي تركز على الناس' في الأساليب الإدارية. فكر في الاستثمار في تدريب المديرين الحديث، خاصة لمديري التوظيف الذين يبحثون عن المواهب الناشئة.
بالطبع يجب أن يتم ذلك في ضوء تخطيط القوى العاملة واستراتيجيات العمل المستقبلية. مع العلم أن الجيل Z غالبًا لا ينوون البقاء مع جهة عمل واحدة لأكثر من بضع سنوات، فإنه سيكون مثيرًا للاهتمام معرفة ما إذا كانت الشركات تركز استراتيجياتها على الاحتفاظ بالموظفين، أو التكيف مع القوى العاملة قصيرة الأجل، أو كليهما.
هناك شيء واحد مؤكد: يحتاج موظفو الموارد البشرية إلى مساحة لتلبية المتطلبات المتزايدة التي ستأتي مع زيادة مشاركة الجيل زد Z.
لا شك إن الاستعداد الجيد لمتغيرات المستقبل يعد من مميزات الإدارة الناجحة. وبينما بدأ أبناء الجيل Z يغادرون مقاعد الدراسة بداية من عام 2019، فإن من المتوقع أن يشغل أبناء هذا الجيل ثلث الوظائف الموجودة بحلول عام 2030. لذا فإن الاستعداد الجيد لاستقبال هذا الجيل يعزز من فرص نجاح خطط التوظيف في منشأتك على المدى الطويل.
فهل أنت مستعد لذلك؟
وظف أفضل الكفاءات 10 مرات أسرع وأكثر كفاءة من خلال منصة سكيلرز.