القيادة الإدارية هي طريقك لتحقيق النجاح المؤسسيّ الذي يضمن لك البقاء على أرضٍ صلبة، خاصةً في ظل هذه المنافسة المحتدمة. ولنستوعب حجم هذه الأهمية، تخيل معي هنا أنك تمتلك بالفعل فكرة قوية لمنتجٍ مُعين، ولديك أيضًا فريقًا متناغمًا من أصحاب المهارات والكفاءات.. لكنك لا تتبع أساليب القيادة الإدارية التي من شأنها أن تُثري إنتاجية فريقك وتُحسِّن من كفاءة منتجك.
في مثل هذه الحالات، من المتوقع أن تصطدم شركتك بمعوقاتٍ مُتعددة تمنعها من الاستفادة بمواردها البشرية والمادية والإبداعية؛ مما يجعل عملية استكشاف الحلول تستغرق وقتًا طويلًا ومجهودًا مضاعفًا، فضلًا عن أن العمل بتلك الطريقة يُحول سياسات شركتك إلى مجرد «رد فعل» لكل ما يدور داخلها وخارجها، بدلًا من التركيز على اتخاذ إجراءاتٍ استباقية تَحمي المنشأة وتُعزز جاهزيتها للمخاطر والتغيرات المفاجئة.
وإن كنت مهتمًا بتجنب تلك النتيجة، أُوصيك إذًا بمتابعة القراءة، لأنك ستكتشف معي في الأسطر القادمة مفهوم القيادة الإدارية الناجحة وكيف يمكن تطبيقها على أرض الواقع بكفاءة عالية.
لكن أولًا..
تُعرّف القيادة الإدارية على أنها مجموعة من الخطوات التي تُتخذ لتوجيه المنظمات أو فِرق العمل نحو الأهداف المنشودة. ويتحقق ذلك من خلال التخطيط الفعّال وتنظيم العمليات الإدارية وتنفيذ الإستراتيجيات المناسبة.
وإذا فكرت معي هنا، ستجد أنه لكي يتحقق الأمر بتلك الطريقة يجب أن يُركز القائد على تحسين كفاءة العمليات الإدارية وإزالة العقبات التي تُواجه الموظفين، إلى جانب إدارة الموارد بكفاءة والعمل على تعزيز التناغم بين مختلف الفِرق الموجودة في الشركة.
ولذلك، يمكننا الاتفاق على أن القيادة الإدارية الناجحة هي محور رئيسي يربط بين رؤية الشركة ومرحلة التنفيذ التشغيلي. وهي تدعم رحلة الشركات في تطوير سياساتها ورسالتها وإجراءاتها ومعاييرها، مما يجعلها ركنًا لا غِنى عنه في المنشآت الطموحة التي ترغب في تعزيز مستويات تنظيمها وإدارتها والمحافظة على بيئة عمل صحيّة وآمنة.
ملخص السالفة: تُتيح القيادة الإدارية إنشاء إطارٍ مناسب يُمَكِّن الموظفين والمسؤولين من الأداء بكفاءة وتحقيق أكبر قدر من الإنتاجية المطلوبة، مما يُسهِم في نجاح المنشآت ويُعزز النمو الوظيفي للعاملين بها.
تنفرد القيادة الإدارية عن أنواع القيادة الأخرى في تركيزها على النظام والنمو المنهجيّ. على سبيل التوضيح: حينما ننظر إلى القيادة التحولية Transformational leadership، سنرى أنها تُركزّ تركيزًا أساسيًا على إلهام الموظفين وتحفيزهم نحو النمو والتطور بطرقٍ إبداعية ومبتكرة، بخلاف القيادة الإدارية التي تهتم بوضع البروتوكولات والإرشادات المناسبة، وتهدف إلى تنفيذ السياسات والإجراءات المنصوص عليها للمحافظة على استقرار المنشأة وانسيابية سير العمل بها.
وفيما يلي مجموعة من عناصر القيادة الإدارية الفعالة:
توصية في الصميم: لا تكتمل القيادة الإدارية إلا بوجود فريقٍ متناغم يُشاركك القيم نفسها ويسعى جاهدًا إلى تعزيز مهاراته وإنتاجيته. لذلك، فإن عملية استقطاب الكفاءات وجذبهم إلى الانضمام إلى منشأتك أمرٌ ضروريٌ هنا. وهذا ما تساعدك عليه منصة سكيلرز التي تصلك بأصحاب المهارات المحترفين، فهي تختبر مهارات المرشحين وتساعدك على انتقاء أفضلهم من خلال عملية توظيف متكاملة ومَرنة، بدءًا من استقبال طلباتهم وحتى التفاوض معهم والاتفاق على عقدٍ نهائي يناسبك.
اعرف تفاصيل أكبر عن المنصة من هنا وانضم للشركات السعودية الطموحة التي تؤمن بالقيادة الإدارية الفعالة.
ينبغي أن تُحدد أولًا أهدافك الإدارية التي تسعى إلى تحقيقها في شركتك لكي تُنشئ صورةً واضحة عن الأولويات والقرارات المطلوبة. اسعَ هنا أيضًا إلى التعرف عن قرب على مفهوم القيادة الإدارية وعناصرها ومهاراتها، ولا تنسَ التعرف على الفروقات بينها وبين أساليب القيادة الأخرى.
لا يمكنك تغيير ما تجهله. هذه هي المقولة التي أنصحك بوضعها في عين اعتبارك حينما تُقرر الالتزام بعناصر القيادة الإدارية في شركتك، لأن أُولى الخطوات التي يتعين عليك اتخاذها هي تقييم طريقة إدارتك الحالية. وهذه مجموعة من الأسئلة التي ستساعدك على فعل ذلك:
أَنشئ في هذه الخطوة الخطط والإستراتيجيات التي تُعزز من كفاءة قيادتك. يجب أن تُفكر هنا في الأهداف طويلة الأمد التي تسعى إلى تحقيقها، دون النظر فقط إلى الأهداف القصيرة أو المتوسطة، والتي قد تمنعك من رؤية الصورة كاملة.
وهذه بعض العوامل التي ستحدد إستراتيجية القيادة الإدارية التي ستتبعها:
ملحوظة: من الموصى به في هذه الخطوة دراسة موارد المنشأة بعناية والعمل على تخصيصها وفقًا لأهدافك وإستراتيجياتك. ولا فرق هنا بين أنواع الموارد المختلفة -سواءً أكانت موارد بشرية أو مادية أو مالية. وينبغي العمل على توقع احتياجات الشركة من الموارد ومراقبة الميزانية وتحديدها.
يسمح لك الهيكل التنظيمي بتحديد الأشخاص المسؤولين عن تنفيذ العمليات في الشركة والإشراف عليها ومتابعتها. وهو يساعد على تنظيم سير العمل وتحديد خط الموافقات؛ أي باختصار يُحدد الهيكل التنظيميّ خطوط السلطة في المنشأة.
والمطلوب منك هنا هو مراجعة هيكلك التنظيميّ وتعديله بما يتناغم مع أسلوب القيادة الإدارية. ولكي تُحقق ذلك بفاعلية، يجب العناية بالعناصر التالية:
من المهم أن تُنشئ سياساتٍ تدعم رؤيتك وإستراتيجيتك. ترتبط هذه السياسات بقواعد العمل ونظامه وسياسة الشركة فيما يتعلق بفترات التجربة وساعات العمل الإضافي وإجازات الموظفين والدورات التدريبية وغيرها من جوانب الإدارة. اسعَ هنا أيضًا إلى تحديد قواعد السلوك والآداب العامة، ولا تكتفِ بمجرد ذكر هذه التفاصيل في اجتماعٍ مع المديرين أو الموظفين.
بل يُفضل إنشاء قاعدة معرفية ومجموعة من الكتيبات والمواد التوضيحية التي تشرح سياسات العمل في الشركة وقواعدها النظامية. ومن الضروري أن تشارك هذه الملفات مع الموظفين وتتأكد من فَهمهم الشامل لكل ما جاء بها.
ملحوظة: تذكر أنه ينبغي عليك سنّ التشريعات والسياسات التي تتوافق فقط مع نظام العمل السعوديّ؛ حتى تحمي شركتك وحقوق موظفيك وتُعزز من سمعتها. يزيد هذا الأمر من قوة جذب الشركة للكفاءات والمستثمرين.
حَدِّد هنا مجموعة من مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs التي ستقيس على أساسها إنتاجية الموظفين. تتوقف هذه المؤشرات على مجال شركتك ونوعية الخدمات أو المنتجات التي تُقدمها. على سبيل المثال، تستخدم شركات خدمة العملاء مؤشرات مثل حل المشكلات من المرة الأولى First Call Resolution أو معدل رضا العميل Customer Satisfaction Score.
ومن المهم أن تُراجع هنا هذه المقاييس باستمرار وتعمل على تعديلها وفقًا لاحتياجاتك وأهدافك الحالية. ولا تنسَ إعداد تقارير دقيقة عن أداء الموظفين؛ لكي تتمكن من مراقبة التحسن ورؤية مناطق القوة والضعف في أدائهم على فتراتٍ زمنية مُنتظمة.
توصية في الصميم: شجِّع ثقافة التعلم في شركتك وأعطِ الأولوية للتطوير والتدريب. يساعدك ذلك على كسب ثقة الموظفين وإشعارهم بأنك تهتم فعلًا بمصلحتهم. ولا تنسَ أن القيادة الإدارية تستلزم منك أيضًا الاطلاع الدائم على أحدث الاتجاهات والأدوات والسياسات التنظيمية، ما يعني أن عملية التعلم المستمر يجب أن تكون ثقافة سائدة على جميع مستويات الشركة.
كما أوضحت بالأعلى، لا يمكن التنازل أبدًا عن التواصل البناء بين المسؤولين والموظفين على اختلاف درجاتهم في شركتك. لذلك، تبنَّ مجموعة من السياسات التي تُعزز هذا التواصل. لاحظ هنا أنه لا يكفي نشر المعلومات أو إعلام موظفيك بالتعليمات والتوصيات على رسائل البريد الإلكتروني وفقط، بل يتعيّن عليك الاستماع النشط إلى ملحوظاتهم وتقييماتهم ومقترحاتهم.
اعمل على فَهم توقعات المسؤولين والموظفين، وقرب بينهما. أُوصي أيضًا بالاهتمام بتفويض المهام والعمل على تمكين فريقك بمختلف الطرق؛ افهم ما الذي ينقصهم وما الذي يمكن أن يُعزز من إنتاجيتهم فعلًا، راقب أدائهم بانتظامٍ وادعُهم لاجتماعات منتظمة لمناقشة الأفكار وتبادل المقترحات.
يقول جيم يونج كيم Jim Yong Kim، الرئيس الثاني عشر لمجموعة البنك الدولي، مؤكدًا على أهمية الاستماع إلى احتياجات كل عضو في المنشأة:
«بغض النظر عن مدى اعتقادك بأنك قائد جيّد، فإن الأشخاص من حولك سيكون لديهم كل أنواع الأفكار حول كيفية تحسين أداء المنظمة. لذلك، بالنسبة لي، فإن أهم شيء في القيادة هو أن يكون لديك التواضع لمواصلة الحصول على الملاحظات ومحاولة التحسن - لأن وظيفتك هي محاولة مساعدة الجميع على التحسن».
ملحوظة: في النهاية، تذكر هنا أن القيادة قدوة. لذلك، أظهر أخلاقيات العمل والتزم بالسياسات والقوانين بما يتفق مع الإستراتيجيات المتبعة. يُؤكد ذلك مدى احترافيتك ويساعد الموظفين على الالتزام بهذه السياسات أيضًا، لأن ثقافة المنظمة تتوقف على فعالية القيادة الإدارية في الوفاء بإستراتيجياتها وسياساتها.
على عكس قطرة الماء التي تفقد هويتها عندما تنضم إلى المحيط، فإن الموظف لا يفقد وجوده وتفرده في المكان الذي يعمل به، لأنه في النهاية فردٌ مستقل لا يُوجَد في الشركة من أجل تنميتها فحسب، بل من أجل تنمية ذاته أيضًا. وهذا ما يجب أن يؤمن به كل قائد لكي يتمكن من مساعدة فريقه على تحقيق النجاح الوظيفي والمؤسسي دون أن يصطدم الاثنان معًا.
وتذكر هنا ما أشارت إليه عالمة النفس كارول دويك Carol Dweck بأن العقلية التي تبحث عن النمو، تكون التحديات التي تُواجهها مثيرة وليست مُهددة لتقدمها، لأنها ترى العقبات وسائل ازدهارٍ ونمو، وليس على أنها محطات نهائية مكتوب عليها «توقف الآن». لذا، إن واجهت مشكلة معينة في القيادة الإدارية، لا تَرمي كل مجهوداتك بعرض الحائط، بل خذ نفسًا عميقًا وبدلًا من القلق بشأن المفاجآت والتحديات، قل لنفسك «هذه فرصة رائعة للنمو والتطور، لماذا لا أجرب أكثر؟».