وفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، فإنه بحلول عام 2025 سيحتاج أكثر من نصف الموظفين على مستوى العالم إلى مهارات جديدة أو تحسين مهاراتهم.
هذه الحاجة الملحة لتطوير الموظفين لم تعد مجرد تصور مستقبلي بعيد المدى. تدرك المنشآت ضرورة الاستعداد لتغيير احتياجاتها من أصحاب المواهب، ما يدفعها إلى الاستثمار بشكل استباقي في مبادرات تحسين المهارات وإعادة تأهيلها لسد فجوات المهارات، مع زيادة ملحوظة بنسبة 15% في الاستثمارات التنظيمية.
نستعرض فيما يلي مفاهيم إعادة التأهيل Reskilling والارتقاء بالمهارات Upskilling بشيء من التفصيل.
أعلنت شركة أمازون مؤخراً عن التزامها بمبلغ يزيد عن 700 مليون دولار لبرنامج الارتقاء المهارات 2025، وهو مبادرة تدريب داخلية لتعزيز رضا العملاء وتطور العاملين. ربما يمنحنا ذلك تصورًا عن مدى أهمية الارتقاء بالمهارات في سوق العمل.
في الواقع، فمع تقدمنا نحو عالم تقوده التكنولوجيا، تصبح المهارات الحالية قديمة بمرور الوقت، ويحتاج الموظفون إلى برامج منتظمة لتحسين مهاراتهم للحفاظ على قدرتهم التنافسية وتعزيز كفاءاتهم.
يعد الارتقاء بالمهارات فرصة للتعلم والتطوير المستمر للموظفين الحاليين لترقية المهارات الحالية واكتساب كفاءات جديدة. فهو يساعد على تقليل الفجوات في المهارات وزيادة كفاءة الموظفين في مكان العمل.
تهدف عملية الارتقاء بالمهارات إلى توسيع مجموعة مهارات الفرد (المهارات المهنية Hard Skills والشخصية Soft Skills) ضمن وظيفته الحالية، وتركز على التكيف مع تطورات الصناعة وتعزيز الأداء. إنه جزء لا يتجزأ من عناصر تقييمات الأداء في بيئة العمل المعاصرة.
أظهرت دراسة غرفة التجارة الأمريكية حول نقص العمالة أنه في عام 2022، تم استحداث 4.5 مليون وظيفة من قبل أصحاب العمل. بالإضافة إلى ذلك، أجرت مجلة فوربس دراسة استقصائية بين المتخصصين في الموارد البشرية ووجدت أن 83% منهم أفادوا بوجود صعوبة في العثور على المرشحين المناسبين لشغل المناصب الوظيفية الحساسة، كما ذكرَ 75% منهم أن غالبية المتقدمين للوظائف كانوا يفتقرون إلى المهارات الوظيفية الضرورية.
تتعلق إعادة التأهيل المهاري Reskilling في المقام الأول بتحديد وتدريب الموظفين ذوي المهارات الإضافية لإعدادهم من أجل وظائف وأدوار جديدة تمامًا من أجل تلبية المتطلبات المستقبلية.
مع إعادة تشكيل الثورة الرقمية للمهام الوظيفية، يوفر إعادة التأهيل مسارات وظيفية للتنقل الداخلي، مما يساعد المنشآت على الحفاظ على بيئة عمل إيجابية وفعالة مع الحد من معدل دوران الموظفين.
من هذا المنطلق تعد إعادة التأهيل المهاري أمرًا ضروريًا للشركات لتظل قادرة على المنافسة في الصناعات سريعة التطور. يعد تحول صناعة السيارات إلى السيارات الكهربائية أحد أفضل الأمثلة التي تسلط الضوء على الحاجة إلى إعادة الـتأهيل المهاري للموظفين في مجال التنقل الكهربائي. وقد أدى هذا التحول إلى خلق فرص عمل جديدة في مجالات مثل تصميم وتصنيع السيارات الكهربائية. تتبنى الصناعات في كل مكان إعادة التأهيل المهاري لمواكبة التقدم التكنولوجي واحتياجات العملاء المتغيرة
في حين أن هناك بعض الارتباط بين النهجين، فإن الارتقاء بالمهارات يختلف عن إعادة التأهيل من حيث أن الارتقاء بالمهارات لا يستهدف نقل شخص ما إلى دور جديد. يعمل الارتقاء المهارات على تعزيز القدرات الحالية للموظف من خلال تعليمه أدوات جديدة لمهنته الحالية. أحد الأمثلة على الارتقاء بالمهارات عند منح أخصائي تكنولوجيا المعلومات دورات تدريبية للحصول على شهادات حول البرامج التي تم إصدارها حديثًا.
وفي المقابل، فإن إعادة التأهيل يعمل على إعداد الموظفين الحاليين لأدوار مختلفة. قد تكون الوظائف التي كانوا يقومون بها لعدة سنوات غير صالحة للمستقبل. في حين أن الوظائف المستهدفة لن تكون مطلوبة مستقبلاً في السوق، على الأقل مع نفس مجموعة المهارات الحالية للموظفين، فإن الشركة قد لا ترغب في التخلي عنهم. بدلاً من ذلك يمكن للشركة تدريب هؤلاء الموظفين للاتجاه إلى مسارات وظيفية أخرى.
يعتقد العديد من المديرين أن العامل المادي هو الحافز الرئيسي لخروج الموهوبين من المنشأة. وعلى الرغم من أنهم ليسوا بالضرورة مخطئين بشأن ذلك، إلا أن الأجر المنخفض ليس العامل الوحيد الذي يساهم في ذلك. يعد الافتقار إلى النمو الوظيفي أحد المحركات الرئيسية لدوران الموظفين في المنشآت، بغض النظر عن الصناعة. لا يريد الموظفون أن يشعروا بأنهم عالقون في طريق مهني مسدود. إنهم يريدون أن يواجهوا التحدي، وأن يقوموا بمهام ممتدة وأن يتقدموا في حياتهم المهنية.
نعرض فيما يلي أهم المزايا التي تقدمها خطط الارتقاء بالمهارات:
وفقًا لمجلة فوربس فإن 70% من الموظفين قد يفكرون في ترك وظائفهم الحالية للعمل في مؤسسة أخرى تستثمر في تطويرهم وتدريبهم.
إن القوى العاملة الصاعدة طموحة وتسعى جاهدة لتحقيق النمو المستمر. عندما تقدر الشركات تطوير الموظفين والتقدم الوظيفي، فإنهم يميلون إلى البقاء مخلصين وتقديم أفضل أداء. لذلك من المهم جدًا تقديم برامج للارتقاء بمهارات الموظفين وإتاحة فرص التقدم لتعزيز الاحتفاظ بهم على المدى الطويل.
لا تزدهر المنشآت التي تتمتع بثقافة التعلم المستمر فقط من خلال الاحتفاظ بقوتها العاملة الحالية ولكنها تتفوق أيضًا في جذب أفضل المواهب. من خلال استراتيجية قوية للارتقاء بالمهارات يمكنك تعزيز ثقافة التعلم المستمر، ومن خلاله تصبح المنشآت أكثر كفاءة وتنافسية، وتنشئ قاعدة من المهارات الجوهرية، وتعتاد الابتكار، وتبني قوة عاملة مستعدة للمستقبل.
من خلال البرامج الفعالة للارتقاء بالمهارات، يمكنك تأهيل موظفيك وتزويدهم بالمهارات ذات الصلة التي يحتاجون إليها لتحسين مهامهم اليومية والمساعدة في زيادة الإنتاجية. في الواقع، وجدت مؤسسة PWC أن 93% من الرؤساء التنفيذيين الذين يقدمون برامج الارتقاء بالمهارات يشهدون زيادة في الإنتاجية. فهي تمكنهم من أن يصبحوا أكثر كفاءة، ويقللون من الأخطاء، ويخصصوا الوقت لتقديم مخرجات أفضل تعتمد على القيمة.
يساعد الارتقاء بالمهارات الموظفين على إطلاق العنان لإمكاناتهم الكاملة واستكشاف فرص جديدة للنمو داخل المؤسسة. يساعد رفع مهارات مكان العمل الموظفين على أن يصبحوا أكثر كفاءة في تلبية توقعات الإدارة وتجاوزها.
ونظرًا لأدائهم الرائع، فإنهم يتلقون ردود فعل إيجابية تعزز احترامهم لذاتهم وتحفزهم على العمل بجدية أكبر. من خلال اكتساب وتطوير المهارات بشكل مستمر وردود الفعل المشجعة يمكن للموظفين أن يشعروا بتطورهم المواكب لتطور الشركة وأن يرتقوا درجات أعلى في السلم الوظيفي بنجاح.
وفقًا لتوقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فأن التكنولوجيا ستغير 1.1 مليار وظيفة خلال العِقد المقبل. وسيكون الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وراء العديد من هذه التغييرات. وسيلعب التحول إلى التكنولوجيا الخضراء وتوابع الجائحة العالمية دورًا كبيرًا كذلك. من المرجح أن يواجه قادة الأعمال فجوات متزايدة في المهارات إذا لم ينفذوا برامج لإعادة التأهيل.
علاوة على ذلك فإن إعادة التأهيل المهاري تحقق عددًا من الفوائد، من أهمها:
في سوق العمل، يفضل الباحثون عن العمل من جيل الألفية وجيل Z الانضمام والبقاء مع الشركات التي تمنحهم المرونة للتطور ومتابعة تطلعاتهم المهنية.
قد يكون هناك ما يستدعي القلق أكبر من مجرد النقص بين الموظفين المتاحين والوظائف المفتوحة. يمكن أن تؤدي الفوارق بين المهارات المطلوبة للوظائف وبين والمعرفة الفعلية التي يمتلكها الموظفون إلى خلق مشاكل إضافية. لن يكون الموظفون مؤهلين مهاريًا بما يكفي للانتقال إلى الوظائف التي تحتاجها الشركات كي تظل منتجة. كما أن العثور على المواهب الماهرة خارج المنشأة سيصبح أكثر تكلفة مما هو عليه اليوم.
اقرأ المزيد عن استقطاب الكفاءات في هذا المقال: كيف يساعد نظام استقطاب الكفاءات شركتك على توظيف ذوي المهارت؟
يساعد تدريب الموظفين الحاليين على مواجهة التحديات الجديدة في كسب ولائهم. علاوة على ذلك، فإن معرفتهم بالشركة والمنتج تسهل عليهم تحمل مسؤولية جديدة وتساعدك على توفير تكاليف التوظيف وإعداد وتدريب الموظفين الجدد.
وتشير الدراسات إلى أن الشركات التي لديها قوى عاملة عالية المشاركة تحقق ربحية أكبر بنسبة 21%.
بمجرد أن تصبح الوظيفة غير ذات صلة أو زائدة عن الحاجة، فإنها تتحول إلى تكلفة غير ضرورية. إن الموظفين الذين يتخوفون من احتمالات تقليص حجم القوى العاملة هم أكثر عرضة للقفز من السفينة. أما الذين يبقون فقد يصبحون أقل رضا بشكل متزايد لأن وظائفهم تفقد معناها، مما يجعل من الصعب على الشركة أن تظل قادرة على المنافسة.
اقرأ هذا المقال إذا كنت مهتمًا بمعرفة المزيد عن خطط تدريب الموظفين:
خطة تدريب الموظفين: كيف تصمم خطة تعزز كفاءة موظفيك؟
تعمل إعادة التأهيل المهاري على تمكين الموظفين من التنقل بسلاسة بين الأدوار لمساعدة الشركة على الابتكار واكتساب ميزة تنافسية للاستفادة من أي فرصة تأتي في طريقهم. لا تملك المنشآت كثيرًا من الوقت لتهدره، وفي بيئة أعمال يتزايد فيها مبدأ: «الفائز يأخذ كل شيء»، فإن 95% من الأرباح الاقتصادية تحصل عليها أفضل 20% من الشركات.
تظهر إعادة التأهيل أن القيادين داخل المنشأة يفكرون في المستقبل. عندما تقوم المنشآت بإعداد موظفيها لما هو قادم، يمكنها تجنب تسريح العمال والمغادرة الطوعية وفقدان الروح المعنوية والإنتاجية بين الموظفين الذين يبقون داخلها.
بينما نشهد التطور المستمر للمشهد المهني باتجاه ثقافة العمل عن بُعد، فمن الواضح أن الأفراد يتجهون بكثافة نحو اكتساب مهارات ومعرفة إضافية على طول مسارهم المهني.
لتنفيذ خطط المهارات بكفاءة داخل مؤسستك، إليك أهم الاستراتيجيات:
قم بإجراء تحليل شامل لفجوة المهارات لتحديد مجموعات المهارات الحالية وفجوات المواهب التي تحتاج إلى تحسين. يمكنك تنفيذ ذلك من خلال:
يشكل دعم القيادة مثالاً قوياً للموظفين ويشجع على المشاركة.
(قد يهمك أيضًا: رفع كفاءة الموظفين: تجارب من شركات عربية وصلت للعالمية)
بالرغم من أن الأفكار تبدو واعدة وبراقة، إلا إن التطبيق الفعلي على أرض الواقع قد يمر بالعديد من العراقيل، ويتوقف الأمر على إرادة التغيير داخل المؤسسة وقدرة الفريق القائم على إنجاح تلك الخطط في المقام الأول، وفيما يلي نعرض بعض المعوقات التي قد يكون من شأنها عرقلة برامج إعادة التأهيل والارتقاء الوظيفي:
بدون خطة واضحة لمواءمة احتياجات المهارات مع أهداف العمل، يعاني قادة التعلم والتطوير لإنشاء برامج مهارات فعالة للعاملين لديهم. تعيق الفجوات الإستراتيجية تطوير المهارات الجديدة المستهدفة، مما يؤدي إلى إهدار الجهود وضياع فرص النمو الشامل للموظفين.
إن الاعتماد على أساليب تقليدية لتدريب الموظفين يحد من المشاركة والأهمية. غالبًا ما تفتقر هذه الأساليب إلى التفاعل، وتفشل في تلبية احتياجات المتعلمين الرقميين، وتقدم محتوى جامدًا، وتفتقر إلى التخصيص، وتتجاهل تطوير التفكير النقدي.
غالبًا ما تتبع المنشآت أسلوب التدريب القائم على الدفع لنقل المعرفة إلى أعضاء الفريق. غالبًا ما يستخدم هذا الأسلوب منهجًا موحدًا يعامل جميع المتعلمين بنفس الطريقة، مما قد يعيق التقدم من خلال الفشل في استيعاب أنماط التعلم والتفضيلات الفردية. فضلًا عن ذلك فإن هذه الأنماط غالبًا ما تكون مقيدة بمجموعة محدودة من الموارد، مما قد يؤدي إلى فقدان فرص التعلم المتنوعة وتنمية المهارات الشخصية.
في كثير من الأحيان يعطي قادة الموارد البشرية والقائمون على عملية التوظيف الأولوية للمؤهلات التعليمية العليا على اختبار المهارات، مما يؤدي إلى عدم التوافق بين قدرات المرشحين ومتطلبات الوظيفة. ومن خلال إهمال اختبار المهارات، قد تتجاهل المنشآت عن غير قصد المرشحين المناسبين تمامًا لمجرد أنهم لا يمتلكون شهادات رسمية، بينما من المحتمل أن تقوم بتعيين أفراد يتمتعون بخلفيات أكاديمية مثيرة للإعجاب ويفتقرون إلى الكفاءات العملية اللازمة لشغل مناصب محددة.
(قد يهمك الاطلاع على مقال: دليل شامل لفهم وتطبيق التوظيف القائم على المهارات)
سلط تقرير IBM المعنون: «إعادة تأهيل القوى العاملة من خلال التدريب الموجه نحو التكنولوجيا» الضوء على طرق معالجة الفجوة في المهارات من خلال التدريب الموجه نحو التكنولوجيا. وفيما يلي نعرض إلى 6 من أهم الطرق التي تضمنها التقرير:
لا جدال حول أهمية تنمية المهارات في عالم الأعمال اليوم، فالموظفون المهرة هم العمود الفقري لأي منشأة ناجحة، حيث يقودون العلاقات مع العملاء، وإدارة التكنولوجيا والتطوير. ومع تطور واقع سوق العمل فإنه ينبغي على الموظفين مواكبة ذلك من خلال تحسين مهاراتهم. ومع ذلك، فإن الافتقار إلى فرص التعلم التي يمكن الوصول إليها يمكن أن يشكل عقبة أمام نجاح كلٍ من من الموظفين والمنشآت.