أياً كانت سياسات الأجور التي تطبقها منشأتك، فإن الراتب الأساسي يُعدّ العنصر الأكثر أهمية وحيوية في منظومة الأجور، نظراً لارتباطه بعدد من المتغيرات والمزايا الأخرى، سواء بالإضافة أو الاستقطاع، في هذا الدليل سنناقش كل ما يتعلق بالراتب الأساسي حتى يتمكن أصحاب العمل من فهم كل جانب من جوانبه، وأهم الموضوعات المتعلقة والمرتبطة بالراتب الأساسي.
الراتب الأساسي هو الحد الأدنى من المقابل النقدي الذي يحصل عليه الموظف مقابل ما يقوم به من عمل، والذي لا يمكن استبداله بتعويض عيني، فمثلاً يمكن أن يعوض بدل السكن بتوفير السكن للموظف، وكذلك بدل الانتقال يمكن أن يعوض بتوفير وسيلة انتقال للموظف، على عكس الراتب الأساسي الذي لا يمكن تحويله إلى أية صيغة غير نقدية.
ويعرف نظام العمل السعودي الراتب الأساسي بأنه كل ما يعطى للعامل مقابل عمله، بموجب عقد عمل مكتوب أو غير مكتوب، مهما كان نوع الراتب أو طريقة أدائه، مضافاً إليه العلاوات الدورية.
أما الراتب الإجمالي (أو الراتب الفعلي حسب تعريف نظام العمل السعودي) فهو يتكون من الراتب الأساسي+ البدلات النقدية + العمولات (إن وجدت)+ الراتب الإضافي (إن وجد) – الاستقطاعات (إن وجدت) ويعتبر الراتب الإجمالي هو المقصود في نظام العمل السعودي عند استخدام كلمة (الراتب) مجردة دون تمييزها بنوع محدد.
ويدفع الراتب الأساسي بشكل شهري في السعودية وغالبية دول الشرق الأوسط، بينما تعتمد بعض الدول الأخرى أنظمة أخرى مثل الراتب السنوي أو الراتب بالساعة أو الراتب اليومي.
يتم تحديد الراتب الأساسي لكل مرشح على أساس الدرجة الوظيفية الملائمة لعمله في هيكل الأجور لكل شركة، ويتم ذلك من عادة إما من خلال مقارنة الوظيفة بالوظائف المماثلة داخل الشركة، أو في سوق العمل، أو من خلال إجراء تقييم الوظائف Job Evaluation.
وتقييم الوظائف هو عملية منهجية لتحديد قيمة الوظائف في منشأة ما، من أجل تحديد قيمة الوظائف الفردية والأجور والتعويضات التي سيتم دفعها للموظفين الذين يشغلون تلك الوظائف. وذلك بغرض التأكد من حصول الموظفين على أجور عادلة مقابل العمل الذي يقومون به. يمكن استخدام تقييم الوظيفة لتحديد درجات الأجور للوظائف، وتحديد الراتب الأساسي للموظف الجديد، ومنح زيادات في الراتب، وغير ذلك من المزايا.
وبطبيعة الحال لا توجد آلية موحدة لتقييم الوظائف، حيث تختار كل شركة ما يلائمها، وفيما يلي نعرض لأهم المنهجيات المتبعة لتقييم الوظائف، والتي من خلالها يتم تحديد الراتب الأساسي.
1. طريقة عامل النقطة Point Factor Method: والتي تقوم بتعيين نقاط لكل عامل من العوامل المستخدمة لتقييم الوظيفة، مثل مستوى المهارة والمسؤولية وظروف العمل.
2. طريقة تصنيف الوظائف Job Classification Method: التي تقوم بتوزيع الوظائف إلى مجموعات معينة وفقًا لمستوى مسؤوليتها وراتبها.
3. طريقة ترتيب الوظائف Job Ranking Method: ومن خلالها يتم ترتيب الوظائف حسب أهميتها للمنشأة.
4. طريقة الجداول الإرشادية Guide Charts Method: وتعرف كذلك بطريقة Hay Method /Korn Ferry Method، ويتم خلالها تقييم العوامل المؤثرة في قيمة كل وظيفة، 1) المعرفة المهنية Know -How، 2) حل المشكلات Problem Solving، 3) نطاق المحاسبة Accountability، ويتم إعطاء قيمة معينة لكل عنصر وفقاً لإرشادات معينة ويتم في النهاية الحصول على درجة إجمالية لكل وظيفة يمكن من خلالها إنشاء هيكل للأجور وتحديد مجال النقاط لكل درجة وظيفية، وبناء عليه يتم التوصل إلى الراتب المناسب.
كما أوضحنا سابقاً فإن هيكل الأجور هو المعيار الذي تستخدمه المنشآت لتنظيم عملية تحديد الأجور سواء للمرشحين الذين هم بصدد الانضمام للمنشأة، أو عند التعيينات الداخلية أو ترقية الموظفين الحاليين، وهناك عدد من العوامل التي ينبغي على المنشآت مراعاتها عند بناء هيكل الأجور نذكر منها:
- ما هو موقع المنشأة حالياً بين منافسيها؟ وإلى أين تستهدف المنشأة أن تصل بين منافسيها من حيث جودة القوى العاملة.
- كيف سيخدم هيكل الأجور الجديد لتحقيق أهداف المنشأة الاقتصادية، على أصعدة التسويق والمنافسة، والتشغيل الفعال.
- تحديد الشرائح المستهدفة للاستقطاب والتوظيف، من حيث المستوى التعليمي والمهني.
- كيف سيُلبّي هيكل الأجور احتياجات التحفيز ومتطلبات الحفاظ على سياسات الاستبقاء وتخفيض معدلات الدوران.
يعتبر الراتب الإضافي (مقابل ساعات العمل الإضافية) هو الإضافة الإلزامية الوحيدة التي ترتبط بالراتب الأساسي، بخلاف ذلك فالأمر يتوقف على سياسة الأجور المتبعة لكل شركة. مثلاً: تقوم بعض المنشآت احتساب بعض البدلات كنسبة مئوية من الراتب الأساسي.
بخلاف البدلات الشهرية فأيضاً تتأثر مزايا أخرى مثل مكافأة نهاية الخدمة بالراتب الأساسي، حيث يتم احتسابها على أساس الراتب الفعلي الأخير الذي تقاضاه الموظف (الراتب الأساسي+البدلات الشهرية الثابتة).
وفقاً لنظام التأمينات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية يتم استقطاع ما قيمته 9% من (الراتب الأساسي+بدل السكن) لنظام المعاشات، و1% من الراتب الأساسي+بدل السكن لنظام التعطل عن العمل، بينما تتحمل المنشأة كذلك ما قيمته 9% من الراتب الأساسي+بدل السكن كحصة إلزامية في التأمينات الاجتماعية، ويسري ذلك على الموظفين السعوديين فقط.
فيما يخص المنشآت التي تتبع سياسات لاستبقاء وتحفيز الموظفين، ينبغي الحرص على أن يكون الراتب الأساسي للموظف مكافئاً أو مقارباً لمثيله في المنشآت المنافسة.
ولتحقيق ذلك يتعين على المنشآت إجراء استقصاءات للأجور في سوق العمل بصفة دورية لتحديد موقعها التنافسي في سوق العمل واتخاذ الإجراءات الضرورية لتحديث وتطوير هيكل الأجور الخاص بها عند الضرورة، وذلك للحفاظ على المواهب المتميزة والعناصر ذات الكفاءة والخبرة المتميزة من الموظفين.
في أغلب الأحيان يكون التفاوض على الأجور خلال التوظيف متعلقاً بالراتب الإجمالي، إلا أنه من الضروري أن يتم الحرص على أن يمثل الراتب الأساسي النسبة الأكبر من الراتب الكلي، ويفضل ألا يقل عن 50% من الراتب الإجمالي. تزداد أهمية التركيز في التفاوض على الراتب الأساسي في المنشآت التي تقوم باحتساب البدلات الأخرى بنظام الشرائح، بمعنى أن يكون البدل (بدل السكن مثلاً) ثابتاً لعدد من الدرجات الوظيفية، ويكون هذا النمط شائعاً في المنشآت الحكومية وشبه الحكومية.
تعتمد التغيرات التي تطرأ على الراتب الأساسي في المقام الأول على سياسة الأجور المتبعة داخل المنشأة، وفي الأغلب يقترن التغير في الراتب الأساسي بالترقي الوظيفي، أي الانتقال من درجة وظيفية إلى درجة وظيفية أعلى، سواء على أساس أقدمية الموظف في المنصب ذاته، أو عند الترقي إلى منصب أعلى.
كما أشرنا سابقاً، من المهم إجراء استطلاعات لسوق العمل لتحديد موقع المنشأة التنافسي في سوق العمل، وهل الأجور المطبقة داخل منشأتك تعتبر عادلة وتنافسية بشكل كافٍ أم أن هناك حاجة لإجراء تعديلات.
يمكن إجراء استطلاعات للأجور من خلال إنشاء نماذج استبيانات Surveys ونشرها عبر شبكات التواصل المهني مثل موقع لينكدإن LinkedIn، كما يمكن الاستعانة بالاستطلاعات التي تجريها مواقع التوظيف الكبرى بشكل سنوي، مع ملاحظة أن تحليل استطلاع السوق ليس بالمهمة السهلة في الواقع، فكثير من البيانات قد تكون مضللة أو متطرفة، لذلك فعند جمع البيانات يجب استبعاد النتائج المتطرفة (المرتفعة للغاية، أو المنخفضة للغاية) للحصول على متوسط واقعي للأجور في سوق العمل لكل وظيفة، ويفضل إجراء أكثر من استطلاع لكل وظيفة على حدة للحصول على مقاربة إحصائية أكثر واقعية.
ينبغي أيضا أخذ عوامل التباين الجغرافي في الحسبان، حيث تتباين معدلات الرواتب وكذلك تكاليف المعيشة من منطقة إلى أخرى، حسب الطبيعة الاقتصادية لكل منطقة.
عند تقييم نتائج استطلاع الرأي، يتعين عليك الانتباه للفروقات التي تتجاوز 20% صعوداً أو هبوطاً، وتأكد من مطابقة المهام بين الوظائف المقارنة.
لا توفر تحليلات استطلاع السوق الأدوات اللازمة لإنشاء هياكل الأجور فحسب، بل تتيح أيضًا المقارنة بين السوق وفلسفة الأجور داخل المنشأة. يمكن أن تؤكد مراجعة بيانات السوق أن المنظمة قد اختارت فلسفة الأجور المناسبة لاحتياجات إدارة المواهب وأهداف الخطة الاستراتيجية والحقائق المالية.
يعتبر فهم أهمية وتأثير الراتب الأساسي مهمًا لمحترفي الموارد البشرية، كونه مؤثراً في عدد من أوجه عمل إدارات الموارد البشرية، سواء الرواتب والتعويضات، أو التوظيف، أو شئون العاملين، ويترتب على هذا الفهم تحقيق استفادة أكبر لإدارة مهام الموارد البشرية بشكل صحيح وفعال، كما ويُعتبر فهمه بالنسبة للموظف أيضا عاملا أساسيا للاستقرار المالي والوظيفي.