في المراحل المبكرة جداً لأي فكرة، نرى التعاطف مع العميل حجر أساسٍ لبناء أي منتج لتعزيز قيمته في السوق لاحقاً، فيضع رائد الأعمال نفسه موضع العميل المستقبلي في كل خطوة يأخذها أثناء قولبة المنتج ليفهم بالتفصيل ما يُهِمّ المستخدم ويَهُمّه. يُمكِّنه التعاطف من تطوير حل يرغبه الجمهور ويغطي احتياجه وتطلعاته. ويفسر ذلك حقيقةَ أن مؤسس الفكرة هو غالباً أفضل من يبيعها؛ فنراه واعياً بالاحتياج ومؤمناً بما يقدمه من حلول، والأهم، أنه لا يكتفي أبداً بمعرفة ما يبيعه بل ولمن يبيعه كذلك.
مع توسع الشركة يبدأ تحدي نقل هذا الفهم العميق للعميل وللفكرة على حد سواء من مؤسسي الشركة إلى الفريق ككل، ولفريق المبيعات بالخصوص باعتبارهم خط المواجهة الأول وأفضل ممثليها. وفي حين أن الإلمام بدهاليز المنتج وتفاصيله الدقيقة يكون الأولوية دائماً، تغفل أغلبية الشركات عن نقل تصور واضح عن العميل لفريقها، فيُسبب ذلك فجوة في العملية البيعية نتيجة فهمِ المنتج بمعزل عن مستخدميه، قد تبيع أو قد لا تبيع ولكن فقدان الفريق للتعاطف الصادق مع العميل يفقدهم ما هو أبعد من إغلاق صفقة. وينطبق ذلك على كِلا الشركات: التي التحقق «التارجت» والتي لا تحققه.
هل يشكل فهم العميل والتعاطف معه فارقاً ملوحظاً حقاً؟ وإن أُخذ بعين الاعتبار؛ ما أثره على الفرد والمنشأة؟
من منظور فردي:
التعاطف مع العميل نقطة تحول إيجابية في أداء ممثل المبيعات، وهذا ما أكدته لنا إحدى خريجاتنا حين سألناها عن رأيها، فقالت:
"التعامل مع العميل يجب أن يكون أبعد من مجرد علاقة عمل تنتهي بإغلاق الصفقة، ففي كثير من الأحيان أتحول إلى المستشار الذي يفهم ما يمر به عميلي خلف الكواليس، ولا ينحصر ذلك بالمشاكل الذي يحلها المنتج الذي أبيعه عليه مباشرة بل بكل ما يشاركني إياه العميل فيما يخص عمله،"
وأضافت تعقيباً على أثر التعاطف في أدائها كممثلة مبيعات: "لا أظن شخصياً أن التعاطف يسرّع عملية الإغلاق ولكنه بلا شك يزيد من جودة الصفقات التي أغلقها فأكسب ثقة العميل مبكراً، وتعلمت أن كل دقيقة أقضيها بالاستماع للعملاء المحتملين تستحق، وتنعكس إيجاباً على سمعتي كممثل مبيعات وعلى فرصة إغلاقهم لاحقاً"
وفي حين أنه يتسنى للقليل فقط من المستجدين في المجال التعرف على عملائهم قبل المباشرة بالعمل، يضطر الأغلبية على بناء هذا الوعي بالخطأ والتجربة أثناء الأشهر الأولى من عملهم مما يؤثر سلباً بالتأكيد على أدائهم في البدايات.
من منظور المنشأة:
أداء المنشأة من الأداء التراكمي للأفراد، فماذا لو كان التعاطف مع العميل هو الطابع الغالب على العاملين في المنشأة؟ هل يستحق ذلك عناء الاستثمار فيه وكيف نرى أثره بلغة الأرقام؟
يقول بدر الفوزان، شريك مؤسس في Bonat، أن تعاطفك مع العميل يزيد من إحساسه بالولاء وبالتالي فبقاؤُه عميلاً معك يزيد أيضاً بنسبةٍ تزيد عن 300%، وترتفع نسبة صرفه إلى الضعفين، والأهم من ذلك أنه يتحول من كونه عميلاً لمسوق فيميل لترشيحك بنسبة تزيد بـ 22% عن المتوسط.
نرى هنا أن الاعتماد على التعاطف كمبدأ للبيع له أثر طويل الأمد على آداء المنشآت، خصوصاً الناشئة والصغيرة منها، والتي تفتقر بديهياً لقاعدة عملاء واسعة ووصولها «لتناسب المنتج مع السوق - PMF».
أخيراً، من المهم هنا التأكيد أنه يجب على الفرد والمنشأة على حد سواء أن يبنوا تعاطفهم مع العميل على "المعرفة"،
وللتأكد أن تعاطفك صادق «شمّر أكمامك وادخل المطبخ» لترى أثر ما تقدمه عن كثب!
محاور مرحلة الإعداد: التعاطف كنقطة انطلاقة
لو فرضنا الآن أنك تريد أن تجعل التعاطف متأصلاً في تعاملات فريقك، فالبداية ستكون من الأيام الأولى للموظف أو ما نسميه بـ «مرحلة الإعداد - Onboarding»، فعدا أن الجميعَ يطمح لضم أفضل الكفاءات لفريقه، فلابدّ للجميع أن يعي أن أيام الموظف الأولى تؤثر بشكل كبير على تجرُبته الكلية، وجودتها تنعكس على سرعة تمكين الموظف من أداء مهامهم على أكمل وجه.
وقد ذكرت إحدى الدراسات المتخصصة أن "سوء مرحلة الإعداد كانت الدافع لـ 68% من الموظفين الذين تركوا وظائفهم في غضون الأشهر الثلاثة الأولى" ولن يكون من المستغرب أن تزيد هذه النسب في وظائف بمعدلات تحويلٍ عالية كالمبيعات وخدمة العملاء. ولذا فالسؤال هنا هو كيف تضمن تقديم مرحلةَ إعدادٍ متكاملةً للموظفين يكون فيها التعاطف عنصراً متأصلاً؟
ستكون البداية بمعرفة العناصر التي تشملها مراحل الإعداد المتكاملة، والتي إن تمعّنا بها سنرى أنها تشمل غالباً ثلاث عناصر، هي:
الثلاثُ عناصر السابقة هي الأساسية لأي موظف جديد، فلا يكون هناك غالباً اختلاف شاسع، ولكن تركيزنا سيكون على فريق المبيعات بحكم الاختصاص:
أولاً: الإعداد على الدور الوظيفي
يكتسب الموظف أساسيات المهارات الوظيفية المتعلقة بدوره المهني بالممارسة، وتشكل مهاراته جزءاً من قرار ضمه للمنشأة، ولكن إعداده في هذا الجانب يضمُّ مساعدته على مواءمة مهاراته مع مسار الشركة ومهامه الدقيقة المتوقعة منه. فالدور الوظيفي للموظف جزءٌ من مهاراته التقنية ككل ويقع على عاتق المنشأة إيضاح المطلوب منه في إطار مهاراته على شكل مشاريع ومهام طويلة وقصيرة الأمد.
ثانياً: الإعداد على المنشأة
بمجرد دخول المرشح للشركة تكون إحدى مهامه استيعاب ما هو أبعد من مسؤولياته كالهيكل التنظيمي ومهام الفرق الأخرى حتى يتمكن من التفاعل في إطار المنشأة بسلاسة. ويشمل أيضاً إلمامه بفكرة المنتج أو الخدمة المقدمة. وعلى فريق المبيعات -أكثر من غيره- التشبع من مزايا المنتج وقيمته المضافة حتى يتمكن لاحقاً من بيعه، وتأخذ هذه الخطوة وقتاً وتدريباً أكثر من غيرها. ومن منظور الموظف، تكون هذه الخطوة مختلفة بالكامل باختلاف الشركة التي ينضم إليها أثناء مسيرته المهنية.
ثالثاً : الإعداد على القطاع
مع إلمام الموظف بدوره وبالمنشأة، يتبقى عنصر أخير مهم في مرحلة الإعداد وهو الإلمام بالقطاع، ونقصد بالقطاع المجال التي تخدُمه المنشأة ككل، فسكيلرز مثلاً تخدِم قطاع الشركات الناشئة الصغيرة والمتوسطة منها في جانب التوظيف والتأهيل في المبيعات. وتكمن أهميةُ معرفةِ خبايا القطاع بأنه ركيزةٌ للتعاطف مع العملاء كأفراد لاحقاً. ومن الجدير بالذكر، معرفة القطاع تنتقل مع الموظف باختلاف دوره داخل الشركة أو مع انتقاله لأي شركة أخرى تخدم نفس القطاع، وبالتالي فإن فهم العميل والتعاطف معه ينتقل ويترسخ حتى وإن تغيرت العوامل الأخرى في المعادلة.
حصول الموظف على جميع هذه المعلومات بمجرد انضمامه للفريق؛ سينعكس حتماً على اتقانه وسرعته للعمل، ولكن الحقيقة تقول أن 88% من الشركات عالمياً لا تقدم تجربة متكاملة في مرحلة الإعداد؛ ربما جهلاً بأهميتها أو خوفاً من الوقت الطويل الذي تستغرقه (المتوسط 36 يوم).
وإن حصل وخصصت الشركات وقتاً لإعداد الموظف فأغلب الظن أن الإعداد سيشمل الدور الوظيفي والقليل من المعلومات عن المنشأة. أما القطاع فهو العنصر المنسي دائماً، وبالتالي يصبح إيجاد التعاطف مع العميل مسؤولية الموظف كفرد وهو ما لا يمكن ضمان حصوله أو المخاطرة بتركه للحظ!
ومع حديثنا المستمر مع الشركات التي نعمل معها في ما يخص معرفة القطاع، لفريق المبيعات على وجه الخصوص، كانت هناك حاجة لتقديم ما يكفي من المراجع المعرفية المستقاة من تجربة العملاء داخل القطاع ليتمكن الموظف الجديد من معرفة القطاع أولاً وبالتالي التعاطف مع عملائه لاحقاً.
مما لا شك فيه أن مرحلة الإعداد تبقى دائماً تحدياً في كل منشأة ولكن الوعي الأولي بأهميتها ومراحلها خطوة في الاتجاه نحو بناء فريق متكّن ومتقن!
مرحلة الإعداد: عليك الثلث وعلينا الثلثين
حتى الآن استطعنا في سكيلرز أن نربط مئات الخريجين المميزين من معسكر المبيعات بشركائنا في التوظيف باعتبارنا حلقة الوصل بينهم، فقلّصنا متوسط مدة التوظيف من 36 يوم إلى ساعات معدودة، والأهم أن هذه الكفاءات أثبتت أن الرهان عليهم استثمار ناجح ومع توسعنا أردنا مؤخراً أن نأخذ خطوة إضافية لجعل ما نقدمه أقرب لما يحتاجه سوق العمل اليوم.
نضمن حالياً 33% من مرحلة إعداد الموظف في مجال المبيعات إذ يؤهل معسكرنا حديثي التخرج لدخول سوق العمل بالمهارات والخبرة المطلوبة، وفي خطوة لتغطية الثلثين بدلاً من الثلث بدأنا مشروعاً تعليمياً جديداً يغطي المعلومات المهمة في القطاعات المختلفة، ليحصل المشارك على نظرة قريبة لما يمر به عملائه المستقبليون خلف الكواليس.
القيمة المضافة للمشروع:
مثال ناجح: قطاع الأغذية والمشروبات
كبداية لهذا المشروع انطلقنا مع قطاع «الأغذية والمشروبات F&B» ، في دورة تعليمية مكثفة نستعرض خلالها «دورة المنتج - Product Cycle» ومن ثم نتعمق بذكر المشاكل والتحديات التي تواجه اللاعبين في هذا القطاع في كل مرحلة. اعتمدنا على رأي البارزين في السوق لننقُل صوتهم ونستفيد من خبرتهم ونلخص للمشارك أهم ما يحتاج معرفته قبل الانضمام لمنشأة تخدم هذا القطاع، فيبدأ ولديه ما يكفي من التعاطف ليفهم العميل ويتعامل مع احتياجه بـتمرّس.
بالإضافة لمعرفة القطاع من منظور أصحابه، نستعرض أيضاً أبرز الشركات الناشئة في المنطقة والتي تهدف منتجاتها وخدماتها لحل المشاكل البارزة في قطاع الأغذية، ومن هذه الشركات المذكورة هنا:
رأي الجمهور:
أطلقنا النسخة التجريبية لـ 33 من خريجي معسكر المبيعات المهتمين في مجال الأغذية والمشروبات وحصدت تجربتهم على نسبة رضى 91% كما حققت الدورة 75 درجة في «مؤشر التوصية NPS »
يقول أسامة: "دورة تبسط لك ما وراء الكواليس في عالم الأغذية والمشروبات لتستطيع فهم عملائك بشكل أسهل"
كانت البداية مع قطاع الأغذية والمشروبات لنقيس أثر الفائدة على تسريع عملية الربط وزيادة دقتها، وتتمثل الخطوة التالية بتغطية كافة القطاعات الرائدة في المملكة لنساهم في جعل التعاطف جزءاً لا يتجزأ من أي منشأة
لذا إذا كنت تود أن توصل صوت قطاعك، شاركنا اهتمامك من هنا.