تشير الإحصاءات إلى أن عدد الشركات التي تُجري مقابلة سلوكية قد ارتفع بنسبة 65% خلال العقدين الماضيين. كما تُظهر إحصائية أخرى بأن المقابلة السلوكية تتنبأ بسلوك الموظف المستقبلي تجاه العمل بدقة تصل إلى 55%. تابع القراءة لتتعرف على ماهية المقابلة السلوكية، وأهميتها، وكيفية إجرائها، مع أمثلة على الأسئلة الأكثر شيوعًا في هذه المقابلة.
المقابلة السلوكية هي أسلوب يعتمد على تقييم قدرة المرشح على تلبية متطلبات الوظيفة من خلال تحليل خبراته السابقة. تستند هذه التقنية إلى مبدأ أن الأداء السابق يعد مؤشرًا قويًا للأداء المستقبلي؛ أي أن الطريقة التي استخدم بها المرشح مهاراته في الماضي تتنبأ بأدائه في المستقبل إذا تم توظيفه. خلال هذه المقابلة، يُطلب من المرشح تقديم أمثلة واقعية تعكس المهارات والسلوكيات والخبرات التي تثبت قدرته على أداء المهام الأساسية وتحقيق النجاح في المنصب المستهدف.
ما الفرق بين المقابلة السلوكية (Behavioral Interview) والمقابلة السلوكية المبنية على الجَدارات (Competency-based interviewing)؟
في حين أن المقابلات السلوكية والمقابلات السلوكية المبنية على الجَدارات تعتبر تقنيات فعّالة لتقييم المرشحين للوظائف، إلا أن هناك اختلافات واضحة في نهج كل منهما وتركيزها.
تتطلب المقابلة السلوكية الفعّالة اتباع بعض الخطوات الأساسية. ستساعدك العناصر التالية في تحقيق أقصى استفادة من المقابلة وفرز المرشحين الأفضل من المتقدمين الأقل تأهيلاً:
عند إعداد الأسئلة للمقابلة السلوكية، من الضروري أن تُصاغ هذه الأسئلة لتقييم المهارات والصفات المحددة التي تعتبرها أساسية للوظيفة. يجب عليك أولاً الاجتماع مع جميع الأفراد المعنيين في عملية التوظيف للاتفاق على المهارات والصفات الأكثر أهمية. بمجرد تحديد الأولويات، اعمل على صياغة الأسئلة لتوضيح مدى قدرة المرشح على تحقيق الأهداف والتفوق في المنصب بناءً على خبرته السابقة.
يُعتبر أسلوب STAR من التكتيكات الشائعة لتطوير أسئلة المقابلة السلوكية. يتطلب هذا الأسلوب من المرشح تقديم تفاصيل حول موقف معين، أو مهام معنية، والإجراءات المتخذة، ونتائج تلك الإجراءات باستخدام أسلوب STAR، يمكنك هيكلة الأسئلة بشكل استراتيجي بحيث يتمكن المرشح من:
تعتبر المعلومات المستخلصة من أسئلة المقابلة السلوكية الاستراتيجية غير فعّالة دون نظام موحد لقياس مدى توافق إجابات المرشح مع متطلبات الوظيفة. لذا، من المهم إنشاء مقياس تقييم موحد يضمن تقييم جميع المرشحين بناءً على نفس المعايير. يجب تحديد مقياس التقييم بوضوح لضمان فهم جميع المحاورين لكيفية تقييم كل مرشح بشكل مناسب. إليك نموذج مقياس تقييم نموذجي:
تتضمن مقاييس التقييم السلوكية (BARS) معاييرًا تربط الإجابات بالمقياس بناءً على السلوكيات الرئيسية المستهدفة لكل سؤال. فبدلاً من التركيز على الخصائص العامة، تساعد مقاييس التقييم السلوكية (BARS) على تقييم سلوكيات محددة ضرورية للنجاح في الدور. على سبيل المثال:
يجب أن تبدو الإجابة التي تتجاوز المتطلبات بشكل كبير مثل سلوك X، ويجب أن تبدو الإجابة التي تلبي المتطلبات مثل سلوك Y، ويجب أن تبدو الإجابة التي تقل عن المتطلبات مثل سلوك Z.
حتى مع الأسئلة السلوكية المصممة بشكل استراتيجي للمقابلات، ستحتاج غالبًا إلى البحث بشكل أعمق للحصول على معلومات كافية لتقييم قدرات المرشح. إن طرح أسئلة المتابعة يحفز المرشح على التوسع في تفاصيل المعلومات التي شاركها بالفعل. في حال كانت الإجابات غير كافية، يمكنك الاستعانة بهذه الأنواع من الأسئلة:
على الرغم من أن كل وظيفة تتمتع بمتطلبات فريدة، إلا أنه من الضروري أن تركز أسئلة المقابلة السلوكية على السلوكيات المحددة التي تم تحديدها كعوامل رئيسية للنجاح في المنصب. فيما يلي بعض الأسئلة النموذجية المصممة لتقييم المهارات والقدرات والصفات المشتركة اللازمة لتلبية احتياجات الوظيفة بنجاح:
قد يساعدك استكشاف الإجابات على الأسئلة السلوكية الشائعة في تقييم المهارات والصفات التي صُممت هذه الأسئلة لاختبارها. راجع الإجابات النموذجية التالية لصياغة ردودك باستخدام أسلوب STAR بأفضل طريقة.
عندما عملت في الشركة (س)، كان فريقي مسؤولاً عن إتمام مشروع بموعد نهائي ضيق. اقترحت تقسيم المهام الفردية بين أعضاء الفريق، لكن أحدهم اعتقد أن من الأفضل العمل بشكل جماعي لعدة أيام أسبوعيًا. لأفهم وجهة نظره بشكل أفضل، رتبت لقاءً على الغداء معه للاستماع إلى أفكاره ومبرراته.
خلال هذا الاجتماع، استطعنا التوصل إلى حل وسط: إتمام المهام الأصغر بشكل فردي والعمل معًا على المهام الأكبر كمجموعة. بفضل هذا التفاهم، أكملنا المشروع قبل الموعد المحدد، كما اكتسبت فهمًا أفضل لأعضاء فريقي وتفضيلاتهم في العمل وتعلمت أن التسوية يمكن أن تكون أحيانًا أفضل طريقة لحل النزاع وبسرعة.
في بداية عملي كعضو في طاقم الخدمة في مطعم (X)، طلبت إحدى الزبائن سلطة وأوضحت أنها تعاني من حساسية تجاه الفول السوداني وتريد إزالة الفول منه. للأسف، أهملت إبلاغ طاقم المطبخ بذلك. عندما أحضرت الطبق، لحسن الحظ، لاحظت المشكلة قبل أن تبدأ في تناول الطعام.
شعرت بالقلق والانزعاج حيال ما حدث، وأدركت في تلك اللحظة أنني أخفقت كوني نادلًا عندما لم أتأكد من إبلاغ المطبخ عن حساسية الزبونة. اعتذرت لها على الفور، وعرضت عليها قسيمة بدلاً من تحصيل ثمن الوجبة، وهو ما قبلته بامتنان. من خلال هذه التجربة، تعلمت أهمية الاستماع الجيد للزبائن والتواصل الفعّال مع زملائي في العمل، وقد جعلتني هذه الحادثة أكثر حرصًا في المستقبل.
في شركة الشحن (م)، أُتيحت لفريقي الفرصة لتقديم عرض للحصول على عقد بملايين الدولارات، وكانت مهمتنا الأساسية هي إعداد عرض المبيعات. على الرغم من أنه كان لدينا أسبوع للتحضير لذلك، لكنني قضيت وقتًا طويلاً في مشاريع أخرى، مما دفعني إلى التسرع في تقديم جزء من العرض التقديمي، ونتيجة لذلك، قدمته مع أخطاء مطبعية وإملائية. كما غفلت عن تضمين العديد من الحقائق المهمة في الشرائح، ولم يفز فريقي بالعقد.
هذه التجربة كانت درسًا قاسيًا جعلني أدرك أهمية تحديد الأولويات. بعد ذلك، بدأت أكتب قائمة بمهامي أسبوعيًا، حيث أختار التركيز على المشاريع الأكثر تعقيدًا خلال أوقات ذروة إنتاجيتي. بفضل هذا التغيير، قمت بتحسين مهاراتي في إدارة الوقت، مما يمنحني المزيد من الفرص لإنشاء عروض تقديمية جذابة ومقنعة في المستقبل.
في الصيف الماضي، زار كبار المسؤولين التنفيذيين في بنك (ج) مكتبنا الإقليمي. كجزء من التحضير لهذا الحدث، طلبت إدارتنا من فريقي إعداد تقرير يتضمن جداول بيانات وعرضًا تقديميًا يوضح أدائنا خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. قبل أسبوع من الزيارة، مرضت إحدى أعضاء الفريق المكلفة بإعداد جدول البيانات ولم تتمكن من إكماله. إدراكًا مني لأهمية هذا العمل، تطوعت لإنجاز جدول البيانات نيابة عنها. أدى عملي الدقيق والمستعجل إلى إعجاب الإدارة العليا، حيث تم تقديم شكر لي علنًا على مساهمتي الإضافية.
في وظيفتي الحالية كمهندس ميكانيكي، أتعامل مع مجموعة متنوعة من المشكلات، مثل تغييرات الجداول الزمنية، وأعطال المعدات، ومخاطر مكان العمل. عند مواجهة أي مشكلة، أبدأ بتحديد جميع العوامل المؤثرة وتحليلها بعناية، ثم أعقد اجتماعًا مع الأطراف المعنية لمناقشة الحلول المحتملة.
على سبيل المثال، في الشهر الماضي، اكتشفت وجود خطأ في المخططات الخاصة بنظام تكييف الهواء الذي كنت أقوم بتصميمه. بعد توثيق المشكلة بالتفصيل، اجتمعت مع فريق الصياغة drafting team وشرحت مخاوفي. بفضل هذا التعاون، تمكن الفريق من توفير مخططات محدثة، مما سمح لنا بمواصلة العمل بسلاسة.
بعد قراءة هذا المقال، أصبح لديك فهم أعمق للمقابلة السلوكية وأهميتها في عملية التوظيف. سواء كنت باحثًا عن عمل أو مسؤول توظيف، فإن تطبيق المبادئ التي تناولناها سيساعدك في تحقيق أهدافك المهنية والاستفادة من هذه التقنية بفاعلية.